الأزمة الروسية الأوكرانية..
تقرير: بوتين يفرض التعامل بالروبل الروسي في عمليات تصدير الغاز لأوروبا

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (رويترز)
عكس الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الهجوم على الغرب، وأقرّ فرض التعامل بالروبل الروسي في عمليات تصدير الغاز لأوروبا، ما أربك أسواق وشركات الطاقة الأوروبية، وأثار تخمينات بخسارة روسيا للعقود المبرمة مع الأوروبيين بشكل خاص.
وبعد شهر من بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، أعلن بوتين القرار الذي أدى مرة أخرى إلى ارتفاع أسعار الطاقة، حين قرر التحول إلى الدفع بالروبل مقابل صادرات الغاز الطبيعي إلى ما يسمى بالدول ”غير الصديقة“ بما فيها دول الاتحاد الأوروبي، ومنع التعامل بالدولار أو اليورو.
وحسب تقرير نشرته صحيفة ”لوموند“ الفرنسية، فإن ”هذا الإجراء يستهدف بشكل خاص الاتحاد الأوروبي، الذي يعتمد بشكل كبير على الغاز الروسي، والذي يمثل حوالي 40% من استهلاكه“، مشيرا إلى أنه بعد هذا البيان قفز سعر الغاز في هولندا، المؤشر القياسي في أوروبا، بنسبة 34%، قبل أن ينهي اليوم مرتفعا بنسبة 9%.
ووفق التقرير، فوجئت العديد من الأوساط والمتعاملون في قطاع الغاز بهذا القرار المفاجئ، وما يزال تفسيره خاضعا لمجرد تخمينات، فقد أشارت وزارة الاقتصاد الفرنسية إلى أنها ستقوم بتقييم تأثيرها المحتمل.
وفي ألمانيا، اعتبر وزير الاقتصاد روبرت هابيك، أن هذا يرقى إلى ”عدم احترام عقود التسليم التي يتم تحديد عملتها مسبقا“، كما طرحت شركة الغاز الفرنسية ”إنجي“ مسألة قانونية، قائلة: ”تنص عقودنا على دفع قيمة الغاز باليورو، ولا توجد بنود تسمح للبائع بتغيير العملة“، وفق ما أكد رئيسها جان- بيير كلامديو.
وتمتد عقود توريد ”إنجي“ مع شركة النفط الروسية العملاقة ”غازبروم“ من العام 2006 إلى العام 2030.
ويعلّق مارك أنطوان إيل مازيغا، الباحث في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، على القرار الروسي، قائلا: ”إذا قاموا بتغيير شروط دفع الغاز، يمكن للروس أن يحفروا تدريجيا قبر عقودهم طويلة الأجل“، وفق تعبيره.
ووفق ”لوموند“، فإن ”إعلان بوتين يترك المراقبين في حالة من الشك، فمنذ فرض العقوبات الأمريكية والأوروبية، أصبحت روسيا في حاجة ماسة إلى العملة الأجنبية، حيث تم تجميد ما يقرب من نصف احتياطيات بنكها المركزي أو حوالي 300 مليار دولار؛ لذلك ينبغي أن تكون موسكو سعيدة بتلقي العملات الأجنبية“، متسائلة: ”كيف نفسر مثل هذه البادرة؟“.
وأشار التقرير إلى أن ”بوتين يقدم حجة قومية“، مدعيا أن اليورو والدولار وحتى الجنيه الإسترليني هي عملات ”معرضة للخطر“ بعد القرارات غير المشروعة لتجميد الاحتياطيات؛ لذلك سيكون إجراؤه بمثابة عقوبة مضادة، وفق قوله.
وأوضح التقرير الفرنسي، أن ”هناك تفسيرا آخر، وهو أن مثل هذا المطلب سيجبر مشتري الغاز على تغيير عملاتهم إلى الروبل، وهو ما يمكن أن يساعد في استقرار العملة الروسية، وفي المقابل ستضطر الشركات الروسية التي لديها دخل بالعملة الأجنبية – مثل شركة غازبروم النفطية – إلى تحويل 80% من احتياطيها إلى الروبل، وسواء تم التحويل من قبل مشتري الغاز أو من قبل البائع لا يتغير الأمر كثيرا، بل إن طلب المعاملات بالروبل سيضمن ببساطة تحويل 100% من المدفوعات إلى الروبل بدلا من 80%“، بحسب تفسيرها.
وأكد التقرير أن ”إعلان بوتين يمثل على أية حال عاملا لتعزيز حالة انعدام الثقة الحالية في البنوك الأوروبية“.
ونقلت الصحيفة عن المحامي جان دونين واسوفيتش، المتخصص في العقوبات الاقتصادية، قوله: ”في هذه الفترة التي تتسم بالكثافة التنظيمية الشديدة، تكون المؤسسات المالية بالفعل حذرة بشكل خاص فيما يتعلق بأي معاملة تتعلق بروسيا، حتى بالنسبة للمعاملات التي لا تزال مصرحا بها حتى اليوم“.
وأضاف واسوفيتش: ”ليس بالأمر الهين الإعلان عن هذا الإجراء عشية انطلاق قمة مهمة للغاية في بروكسل بحضور الرئيس الأمريكي جو بايدن، وربما ينبغي النظر إلى هذا الإجراء على أنه محاولة للانتقام“.