الأزمة الليبية..

تقرير: "ماكرون" ومحاولات استعادة مكانة فرنسا الإقليمة والدولية

الرئيس الفرنسي الحالي "إيمانويل ماكرون"

محمد مرشد عقابي

يسعى الرئيس الفرنسي الحالي "إيمانويل ماكرون" لإستعادة دور بلاده على الخارطة السياسية الإقليمية والدولية والذي لعبه كبار قادة فرنسا الحديثة مثل (شارل ديغول وفرانسوا ميتران وجاك شيراك)، مستغلاً حنكته السياسية التي يتمتع بها رغم صغر سنه الذي لا يكاد يتجاوز 42 عاماً.

ويرى العديد من المراقبين ان "ماكرون" قد ولج نفسه في الأزمة الليبية حفاظاً على التوازن السياسي بين "روسيا وتركيا" الداعمين لطرفي الصراع في هذا البلد العربي، فـ"تركيا" تدعم حكومة الوفاق و "روسيا" تدعم الجيش الوطني الليبي بقيادة الجنرال العسكري المخضرم "خليفة حفتر"، حيث يعمل الموقف الفرنسي من الأزمة الليبية على خلق التوازن بين طرفي الصراع.

ويتطلع "ماكرون" أول رئيس دولة أجنبية يزور العاصمة اللبنانية مباشرة عقب انفجار مرفأ بيروت وأول من أعلن دعمه للشعب اللبناني المتضرر من الإنفجار لإعادة دور فرنسا الفاعل والمؤثر دولياً، حيث كان لـ"ماكرون" حضوراً فاعل في العراق الذي يتعرض إلى الهجمات التركية المتتالية من خلال العمل على مساعدة العراقيين للخروج من دائرة الأزمة الخانقة جراء الارتفاع التدريجي لأسعار النفط.

وبحسب خبراء فقد جاء "ماكرون" إلى العراق وبيده ثلاثة ملفات الأول هو مواجهة التدخل التركي المباشر في العراق والذي يستهدف الاستحواذ على الأراض العراقية المتاخمة لحدوده بحجة تواجد قوات حزب العمال الكردستاني، والثاني هو ملأ الفراغ العسكري عند خروج القوات الأميركية من الأراضي العراقية، والثالث هو القيام ببعض المشاريع الاقتصادية والتنموية كإنشاء مفاعل نووي للاستخدامات السلمية وإنشاء مترو بغداد وغير ذلك من المشاريع التي صاحبت الملفين السابقين، وقد سبق زيارة "ماكرون" زيارة وزيرة الجيوش الفرنسية قبل أسبوع وهي من مهدت الطريق امام زيارته إلى بغداد تحت يافطة الحفاظ على سيادة العراق.

وأكد العديد من المحللين بان زيارة "ماكرون" الى العراق أتت بتوافق فرنسي أميركي كما هو الحال بزيارته الى بيروت التي جاءت هي الأخرى بتوافق فرنسي أميركي وهذا ما يؤكد بأن الولايات المتحدة أخذت تنتهج سياسة الوقوف خلف الباب واختارت فرنسا لتنوب عنها في الأماكن التي يصعب عليها السباحة، إذ وجدت في الرئيس الفرنسي الحالي الرجل الطموح والمملوء حيوية وقوة الشباب الشخص المناسب لاداء هذا الدور بالنيابة عن التحالف الأميركي الأوروبي.

ونجح "ماكرون" في ليبيا بدفع أطراف الصراع إلى وقف إطلاق النار والجلوس إلى مائدة المفاوضات للعلاقات الثنائية التي يمتلكها مع طرفي الصراع، كما نجح أيضاً في "بيروت" بالإطاحة بحكومة "حسان ذياب" واجبار الأطراف المختلفة في لبنان على قبول حكومة جديدة تروق لدى الجميع برئاسة "مصطفى أديب".

ويتوقف نجاح "ماكرون" في جولته الثالثة الى العراق على منسوب قدرته على حفظ السيادة ومقدار تمكين الجيش العراقي من مواجهة الأخطار المحدقة به تسليحاً وتدريباً وبإقامة المشاريع الكبرى التي تمس البنى التحتية كما وعد الشعب العراقي في مؤتمره الصحفي بتوفير الطاقة الكهربائية التي يحتاجها جميع ابناء الشعب ويتلهف لمن يستطيع أن يؤمن له حاجته إلى الكهرباء، وإنشاء قاعدة "مترو" في العاصمة "بغداد" وهو العلاج الوحيد لمشكلة هذه المدينة التي تعاني من أزمة مرورية خانقة لا يمكن أن يوجد لها حلاً إلا بالمترو وكذلك بإعادة المصانع الاستراتيجية المغلقة بسبب التحديات الاقتصادية المتفاقمة.

ويرجح مراقبون بانه وفي حال نجاح "ماكرون" في وقف الهجمات التركية على العراق فان سيتكمن من ان يحل محل القوات الأميركية للقيام بدور تدريب وتسليح الجيش العراقي وفي إعادة الكهرباء للعراقيين وفي صيانة وتأهيل وتشغيل المصانع المتوقفة عن العمل والبالغة (18176) مصنعاً وهي جملة المشاريع الأساسية التي يصبو إليها شعب العراق، هذا من جانب ومن جانب آخر سيحقق هذا الرئيس عن طريق هذه الانجازات طموحه السياسي في إعادة الدور الاستراتيجي لبلده "فرنسا" على الخرائط السياسية العالمية، علاوة على انه سيحقق ما وعد به الفرنسيون في بداية انتخابه وهو إعادة الإعتبار لفرنسا واستعادة هيبتها ومكانتها على المستويين الإقليمي والدولي.