إنفتاح الأسواق على الإعلام..
مدينة إعلامية سعودية تحت اختبار استعادة المنابر المهاجرة

الأنظار تتّجه للمشروع لتغيير الصورة النمطية
تبذل السعودية جهودا ملحوظة من أجل تطوير صناعة إعلامية قادرة على مواجهة التحديات والهجمات الإعلامية العربية والدولية، ويأتي مشروع المدينة الإعلامية في الرياض ضمن هذا الإطار إضافة إلى صناعة ثقل إعلامي يغير الصورة النمطية للإعلام السعودي، فيما المنافسة الواسعة من قبل نظيرتها في المنطقة، تجعل التحدي أكبر.
بدأت الاستعدادات لمشروع المدينة الإعلامية السعودية، بتوقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم مع مجموعات إعلامية سعودية كبرى، ضمن خطة لتكون المدينة حاضنة لوسائل الإعلام السعودية المهاجرة، بالإضافة إلى استقطاب مجموعات إعلامية عربية ودولية.
ووقعت مجموعة أم.بي.سي الإعلامية، وشبكة العربية والحدث التلفزيونية، بالإضافة إلى المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق، اتفاقيات مع مشروع “المدينة الإعلامية”، لإنشاء مقار جديدة لها في نطاق المشروع.
وأوضح وزير الثقافة السعودي رئيس مجلس إدارة مشروع المدينة الإعلامية الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، أن المشروع لا يمكن حصره في قطاع بعينه؛ بل “ذهبنا إلى فضاءات لا محدودة في كل قطاعات المستقبل والمعرفة والتقنية والإعلام والثقافة”.
ويواجه القائمون على الإعلام السعودي مؤخرا تحديا كبيرا، مع تزايد الهجمات والحملات الإعلامية المنظمة ضد السعودية من قبل منصات ومنابر متعددة عربية ودولية، تعتمد على وسائل الإعلام التقليدية وشبكات التواصل، وهذا الهجوم والتشويه يتطلبان أدوات إعلامية محلية قادرة على إيصال الصورة الحقيقية للسعودية ومواقفها السياسية، ودحض الشائعات، عبر صناعة إعلامية متطورة على صعيد المحتوى والتقنية ليتم بثه إلى العالم بجميع اللغات، وهنا يأتي دور “المدينة الإعلامية” بما ستتوفر فيها من إمكانات واستقطاب الكفاءات من داخل المملكة وخارجها.
استعادة وسائل الإعلام المهاجرة، لا تكفي، فمن الضروري جذب القنوات والصحف الدولية ودفعها للانتقال إلى المدينة
وتبدو الأنظار متجهة إلى المدينة الإعلامية، للخروج من الأزمة التي يعاني منها الإعلام السعودي، إذ يواجه انتقادات مستمرة بأنه لم يستطع الخروج من دائرته الضيقة في علاج مشكلة المحتوى، وبات من الضروري أن يكون لديه مركز لإدارة الأزمات لمجابهة الحملات الإعلامية الخارجية، وتغيير الصورة النمطية عن الممارسة الإعلامية في السعودية.
لكن التساؤل الأبرز الذي يطرح في هذا الإطار هو قدرة هذه المدينة على منافسة نظيرتها في المنطقة مثل مدينة دبي الإعلامية التي تجمع أكثر من مئتي مؤسسة إعلامية عربية ودولية، وأصبحت مركزا إعلاميا متطورا يجذب الاستثمارات الأجنبية التي تقرر اتخاذ مقرات إعلامية لها في المنطقة العربية.
ويقول مراقبون إن استعادة وسائل الإعلام السعودية المهاجرة، لا تكفي لنجاح المدينة الإعلامية، فمن الضروري استهداف القنوات والصحف والإذاعات الدولية بوسائل جذب وضمانات من أجل دفعها للانتقال إلى المدينة الإعلامية لتجد بيئة أفضل من التي تعمل بها حاليا.
في المقابل يقول بعض المتابعين، إن السعوديين وضعوا في اعتبارهم هذه النقطة، وهي جزء من خطتهم الإعلامية، إذ لا ينفصل مشروع المدينة الإعلامية عن خطوات عديدة تم اتخاذها، لجذب شركات التكنولوجيا العملاقة مثل غوغل، وأمازون، لتنويع موارد اقتصادها المعتمد على النفط.
وأضافوا أن السعودية، تبذل جهودا ملحوظة باتجاه تطبيق هذا الهدف، حيث كان من ضمن الاتفاقات الأربعة التي وقعها الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، اتفاق مع جيري لي العضو المنتدب لصندوق أي.دبليو.تي.بي الاستثماري وشركة علي كلاود التابعة لمجموعة علي بابا. لتأسيس مقر جديد في المدينة الإعلامية. وقال الأمير بدر على تويتر، إنها “خطوة أولى مهمة لتعزيز شراكاتنا وجذب المبدعين من جميع أنحاء العالم”.
وتابع “أدعو أصحاب المشاريع الطموحة سواء الصغيرة منها والمتوسطة والكبيرة إلى الانضمام إلينا.. اتفاقيات اليوم حزمة أولى والقادم أجمل”.
ومن المتوقع أن يساهم المشروع في الناتج المحلي، ويخلق وظائف مباشرة وغير مباشرة، حيث يتسع لأكثر من 1000 منشأة في التخصصات الإبداعية في التقنية والثقافة والإعلام.
ويعدّ المواطنون السعوديون من أكبر المستهلكين للمنصات الإعلامية الرقمية؛ إذ يشكل السعوديون وحدهم أكثر من 40 في المئة من مستخدمي تويتر في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتعد السعودية من أكبر الأسواق العالمية لـسناب شات، كما يسجل يوتيوب مشاهدات مرتفعة جدا، في وقت يتصاعد نمو سوق تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، لذلك ينظر للمشروع على أنه “سيشرع أبوابه لجميع المشاريع الطموحة والجادة والإبداعية”.
ويستهدف مشروع المدينة الإعلامية الذي يقع في حي السفارات بالرياض، شبكات وسائل الإعلام في المنطقة، وكبريات منصات التجارة الإلكترونية، وتقنيات الأقمار الصناعية، ويشمل كل المجالات التي تؤثر بشكل مباشر على الصناعة الإبداعية المستقبلية؛ كالنشر والبودكاست والأفلام، ووسائل التواصل