حسابات محذوفة صممت من أجل الانتخابات..
تقرير: التضليل الإعلامي سلاح أساسي لإيران

إيرانيون أمام كشك للصحف
وحسب "فايرآي"، شركة أمن إلكتروني، كانت أول من حذر من خطر تلك الظاهرة، غالباً ما قدم أفراد مرتبطون بالحملة أنفسهم بوصفهم أصحاب منافذ إعلامية مستقلة، ليتبين لاحقاً أنهم مرتبطون بالإعلام الرسمي الإيراني.
في هذا السياق، أشارت آريان طبطبائي، باحثة سياسية لدى معهد "راند"، لتقرير شركة "فايرآي" التي لفتت إلى "حرص أولئك الأشخاص على مناصرة قضايا وعرض تقارير تتفق مع خط السياسة الخارجية الإيرانية، وتعادي السعودية وإسرائيل وتناصر قضايا فلسطينية، فضلاً عن دعم سياسات أمريكية محددة مفضلة لدى إيران، كالصفقة النووية الأمريكية- الإيرانية".
قلق
ووفق ما كتبته طبطبائي، في مجلة "فورين أفيرز"، يتفق ذلك التقرير مع تعليقات حديثة لجون بولتون، مستشار الأمن القومي الأمريكي، الذي رأى أن التدخل الإيراني يمثل "مبعث قلق على الأمن القومي".
لكن، حسب كاتبة المقال، لا يجب أن يأتي ذلك بمثابة مفاجأة لواشنطن، وخاصة لأنه رغم أن مساعي التضليل الإيرانية محدودة، وليس ما يثبت أن الحسابات المحذوفة مؤخراً صممت من أجل التأثير على نتائج الانتخابات النصفية في نوفمبر(تشرين الثاني) المقبل، لكن طهران ليست جديدة على حرب التضليل الإعلامي. فقد أدركت الجمهورية الإسلامية، مثل أنظمة ديكتاتورية أخرى، أن الإعلام عملة سياسية صعبة.
تكتيكات
وتثول الكاتبة إن تكتيكات التضليل الإعلامي في الجمهورية الإسلامية قديمة بعمر النظام ذاته. فمنذ السبعينات، استخدم الثوريون الإيرانيون ممن حاربوا الشاه الذي كان مدعوماً من أمريكا، كل ما توافر لديهم من وسائل إعلامية لإيصال صوت زعيمهم، آية الله الخميني. وفيما كان الخميني رجل دين منفياً، صدَّر نفسه كربان للثورة، وأصبح أول مرشد روحي للنظام الديني بعد خلع الشاه في 1979.
وساهم مستشارو الخميني، الذين درس بعضهم عدد في الغرب، في توزيع أشرطة مسجلة بصوته وصلت إلى عدد من المستمعين داخل إيران، وفي الشرق الأوسط والعالم الإسلامي، ثم وصلت إلى الغرب.
حذف وتعديل
وعند تقديم خطب الخميني للغرب، عمل مستشاروه على تصويره كمدافع عن حريات الإيرانيين، وساع لتحقيق الرفاهية لهم. وقد تعمد هؤلاء حذف أو تعديل كلمات الخميني، بوصفه رجل دين متشدداً، بهدف جعل رسالته أقرب إلى سماع الغرب. ونجحت تلك الاستراتيجية، لأن صحفيين غربيين غطوا أحداث الثورة وصعود الخميني، اعتمدوا على معلومات وترجمات وفرها لهم رجاله، وبثوا تقاريرهم إلى العالم عبر الإذاعة والتلفزيون والصحف.
بروباغندا وتضليل
وفي الداخل الإيراني، مهد أتباع الخميني لصعوده عبر حملة سياسية تخريبية بواسطة مزيج من البروباغندا والتضليل.
ويشير كاتب المقال لإدراك الثوريين الإيرانيين أهمية الأخبار الكاذبة. فقد ضخموا أعداد ضحايا الاحتجاجات ضد النظام، واتهموا الشاه زوراً بحوادث كحريق سينما ريكس في 1978، والذي أدى لمقتل 377 شخصاً في عبدان. من ثم كذبت تقارير صادرة عن وسائل إعلام إيرانية رسمية تلك الأنباء.
وتشير طبطبائي لبروز عدد من الهيئات الإعلامية من أجل مواصلة حملة التضليل الإعلامي، كوزارة الاستخبارات والأمن التي حلت مكان السافاك بعد الثورة، ولعبت دوراً رئيسياً في صياغة وتطبيق حملات النظام الإعلامية.
سيطرة
وللتدليل على صحة رأيها، تلفت الكاتبة لوجود وحدة استخبارات خاصة بالحرس الثوري الإيراني، وحيث تشغل أو تسيطر على عدد من المنافذ الإعلامية، بمن فيها وكالة فارس للأبناء ووكالة تسنيم. ويستفيد الحرس الثوري من تلك المنافذ، ومن وسائل التواصل الاجتماعي، في انتقاد سياسات يعتبرها مناهضة للثورة، وللعمل على تقويض المعارضة الداخلية، وحشد الدعم لنشاطاته الخارجية، مثل نشر صور لقادة عسكريين إيرانيين في العراق وسوريا.
وتختم بتحذير الأمريكيين، وهم يعودون إلى صناديق الاقتراع في الخريف المقبل، من قدرات إيران ونواياها في التضليل الإعلامي قبل فوات الأوان.