د. صبري عفيف يكتب لـ(اليوم الثامن):

العاصمة عدن.. بين "دهمس" الأمس و"دهمس" واليوم

عدن عاصمة الجنوب المنكوبة.. عدن المستهدفة منذ أن سطع نورها بين الأمم، دمرت في مراحل تاريخية متعددة في الماضي والحاضر وما زال التآمر مستمرا حتى يعي أباءها بعدوها الحقيقي الذي يسعى دائما الى جعلها قرية صغيرة مدمرة خدمياً واقتصادياً وتنمويا وثقافيا واجتماعيا وبتخطيط ممنهج ومخططات تقودها قوى يمنية وعربية ودولية لتدمير عدن وتعذيب أبنائها وتدمير بنيتها وثقافتها وتراثها وحضارتها الجهة المسؤولة عن تفاقم أزمة الكهرباء وتردي الوضع المعيشي في الجنوب من خلال تدمير بنيتها وتقتيل أبناءها وتشريد رجالها وإطفاء نورها.. الكهرباء...كابوس يلاحق أبناء عدن والجنوب، أزمات لا تنتهي، رغم تحريرها من ميليشيا الحوثي وحلفائها قبل أكثر 8 أعوام، ما تزال الايادي الدهمسية تعد قواعد التخريب والتدمير التي تستلم أوامرها من قيادات في حكومة الشرعية جاءت من مدرسة الهالك علي عبدالله صالح صاحبة الخبرة الكبرى في التدمير الممنهج نحو الجنوب.

دهمس الأمس قاد مخططا لإحراق عدن كما جاء في وثائق المحكمة ــ متهمين بالاشتراك في تنظيم معادٍ في الخارج إدارته ومولته (القوى المعادية) بهدف تخريب وضرب الاقتصاد الوطني الجنوبي.

  وبحسب وثائق المحكمة فأن المتهمين بعد تلقيهم التدريبات على أيدي خبراء أجانب في دولة مجاورة تم توزعهم إلى خمس مجموعات وهي: النسر، لبوزة، صلاح الدين، المجاهد، الذئب، جميعهم تسللوا إلى داخل أراضي جمهورية الجنوب وارسلت لهم في أوقات متفاوتة مبالغ مالية وعشرات العبوات الناسفة داخل علب حليب مع الأدوات الخاصة بالتفجير.

 قام المتهمون بإخفاء العبوات داخل سيارات خردة في منطقتي الدرين وبئر احمد استعداداً للقيام بتفجير خزانات النفط في البريقة وعددها 32 خزان تابعة لشركة النفط اليمنية الكويتية وكانت تحتوي على 55494 طن من الوقود المختلفة، خزانات النفط في حجيف وعددها 15 خزان تابعة لشركة عدن لتموين البواخر، وكانت تحتوي على 31000 طن من الوقود المختلفة، خزانات النفط في كالتكس وعددها 5 خزانات تابعة لشركة عدن لتموين البواخر. 

بينما دهمس اليوم لم يأت متسللا ولم يخف أدوات الجريمة في خردات السيارات بل جاء بطريقة رسيمة؛ وعلى خطوط اليمنية، ليستقر به المقام عنوة في قصر المعاشيق، ليشرع في تنفيذ مخططة التدميري بسيارات مفخخة واحزمة ناسفة، فعمد على تدمير القيادات العسكرية المخلصة ثم سلك طريقة لتدمير المؤسسات الوطنية التي عجز عنها دهمس الأمس.

فصارت عدن مظلمة بلا كهرباء مدمرة بدون طاقة ولا مازوت ولا بترول ولا غاز ولا حتى شربة ماء نظيفة، لقد خطط دهمس اليوم لاستهداف ممنهج للقضاء على ميناء عدن، ومصافي عدن ومطار عدن، ويأتي هذا التدمير الكامل والنهائي لتلك المؤسسات الوطنية وإنهاء نشاطها التجاري بشكل مخيف للغاية لم يسبق له أن حدث في التاريخ أمام مسمع ومرأى من الجميع دون تحريك ساكن وكأن ذلك يحدث.

وليست هذا أمراً جديداً على سكان عدن، فهذه المعاناة بدأت منذ الوهلة الأولى من دخول طائر الخراب على عاصمة الجنوب في صيف 94م واستمرت مأساة العذاب حتى أعقاب حرب 2015 وتحرير عدن، بلغت العذابات أشدها، بل صارت أكثر استفحالاً من أي وقت مضى، فبعد أن قضى منها زيدا وطرا خاب أمالها ولم تتحقق الوعود المستمرة والمشاريع المزعومة حتى الآن، ورغم الجهود التي تبذّلها قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي، تتدهور خدمة الكهرباء باستمرار في ظل صمت وعجز حكومي على مستوى الوزارة والجهات المعنية.

وتعيش مدينة عدن الساحلية " عاصمة الجنوب "، في ظلام دامس طيلة ساعات اليوم " 8 ساعات انقطاع" مقابل ساعتين تشغيل فقط، وتمثّل هذه الأزمة الخدمية أحد أوجه المعاناة في المدينة، خصوصاُ في فصل الصيف حيث ترتفع درجات الحرارة والرطوبة لمستويات قياسية، لا تزال هي حديث الناس اليومي.

 يُشار إلى أن عدن تواجه في الوقت الحالي أزمة كهرباء طاحنة، بالإضافة إلى معاناة ابناءها إحدى أسوأ الأزمات الاقتصادية والإنسانية في العالم، لا سيما بعد توقف صادرات النفط خلال الأشهر الماضية بعد هجمات جماعة الحوثي على مواني التصدير.

دهمس الأمس كانت الوسيلة الوحيدة التي يتلقون من خلالها أوامر التحرك هي محطة إذاعية تبث إرسالها من مدينة عربية بذذبة مقدارها 16 ميجا هيرتز .. ثبت اغاني يمنية متنوعة لمدة ساعة فقط ، من الثامنة حتى التاسعة مساءاً ايام الثلاثاء والاربعاء والخميس ، وكانت الشفرة عبارة عن أربع اغاني كل واحدة منها إذا بثت تعني لهم امر معين تم تحفيظه لهم مسبقاً . أغنية ياطير ياضاوي الى عشك وتعني الامور تسير على خير ما يرام ، أغنية ياحامل الاثقال خففها شوي وتعني تأجيل العملية،أغنية ارجع لحولك و تعني الهروب من اراضي الجمهورية العربية اليمنية. أغنية يالا مع الليل بانسهر وتعني القيام بتنفيذ العملية.

أما دهمس اليوم ففي يديه صناعة القرار ووسائل الاتصال وكل وسائل الأعلام المحلية والعربية ولم لغة الإشارات عبر أغانيه تبث عبر إذاعة صوتية بل لهم قصور وذيول وخزنات وبنوك وجيش كبير من المخبرين والمطبلين حتى انهم أصبحوا يعملون دون خوف او وجل. 

دهمس الأمس قدرت الاضرار المادية والمالية المباشرة بـ 157,622,261 دينار بالإضافة إلى الاضرار الاقتصادية والاجتماعية والبيئية وتلوث ميناء عدن بالنفط في حالة تمت التفجيرات. 

اما دهمس اليوم فخساراته بلغت اعلى المرتبات ولم يبق شيئا الى ووصلت اليه يديه في البر والبحر والجو وكل ما فوق الأرض وتحتها.  

دهمس الامس تعثر وتقهقر قيل تنفيذ المهام حبست أنفاسه ولم يجد غير ثاني أكسيد الكاربون وقطعت يديه قبل نار الاشتعال لكون اليقظة الأمنية في عدن وابين ولحج مكنتهم من رصد ومتابعة افراد الشبكة والقبض عليهم قبل استلامهم الأوامر بموعد التفجير، بينما دهمس اليوم صرنا نحرسه ونعينه ونزوده بأكسجين الاشتعال فكانت الحرائق مدمرة والانفس معذبة والحياة منعدمة.

دهمس الامس حوكمبعد التحقيقات واعتراف المتهمين ووفق الاجراءات القانونية المتبعة تمت محاكمتهم في جلسات علنية حضرها عدد كبير من المواطنين والمهتمين وعدد من المراسلين الصحفيين الأجانب، وفي 7 ابريل 1982م قررت المحكمة العليا للجمهورية إدانة كافة المتهمين الثلاثة عشر بالتهمة المشار الموجهة إليهم: 1ــ الحكم بإعدام 12 مُدان. 2ــ الحكم بالسجن على مُدان واحد مدة 15 سنة.  بينما دهمس اليوم يحاكمنا ليل نهار ويجعلنا تحت مجهر الاتهام وقت يريد حينها نذعن لأوامره دون قيد او شرط.