"عقب عقد من التوتر"..

تقرير: "الإمارات العربية المتحدة".. ماذا يعني الانفتاح على تركيا؟

الانفتاح على تركيا جزء من سياسة إقليمية إماراتية - أرشيف

أنقرة

ذكرت تقارير اخبارية أن لقاء ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يوم الأربعاء يأتي في إطار سياسة الإمارات العربية المتحدة لإعادة بناء العلاقات في المنطقة وفق سياسة "تصفير المشاكل".

وقالت صحيفة العرب إن زيارة ولي العهد، التي تتزامن مع انخفاض حاد في قيمة الليرة التركية، كانت قيد الإعداد لبعض الوقت.

وقال الشيخ محمد على وسائل التواصل الاجتماعي عقب الاجتماع "أجرينا مناقشات مثمرة ركزت على سبل تعزيز العلاقات بين بلدينا".

وأضاف قائلا على تويتر “نتطلع إلى فتح آفاق جديدة وواعدة للتعاون والعمل المشترك يعود بالخير على البلدين ويحقق مصالحهما المتبادلة وتطلعاتهما إلى التنمية والازدهار”.

وفي حدث صحفي لاحق، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو للصحفيين إنه سيزور أبوظبي في ديسمبر.

توترت العلاقات بين تركيا والإمارات العربية المتحدة منذ ما يقرب من عقد من الزمان بسبب دعم تركيا للإخوان المسلمين، وعلاقاتها الوثيقة مع قطر، والسياسات المختلفة في سوريا وليبيا والبحر الأبيض المتوسط.

قالت العرب إن التحركات لإصلاح العلاقات بدأت بزيارة مستشار الأمن القومي الإماراتي الشيخ طحنون بن زايد إلى أنقرة في أغسطس آب. وأعقب ذلك مكالمة هاتفية في وقت لاحق من ذلك الشهر بين أردوغان والشيخ محمد مهدت الطريق لزيارة يوم الأربعاء، وفقًا لمصادرها.

وقالت العرب إن الزعيمين وقعا في أنقرة اتفاقيات استثمار بقيمة 10 مليارات دولار، بما في ذلك مشاريع تم التخطيط لها منذ أكثر من عقد لكنها تأخرت بسبب زيادة "الخلاف السياسي بين البلدين".

ونقلت الصحيفة عن وزير الصناعة والتكنولوجيا الإماراتي سلطان بن أحمد الجابر قوله إن الزيارة تهدف إلى "المساعدة في إنشاء الأساس الاقتصادي من خلال تعزيز الشراكات التجارية وتحقيق استثمارات ناجحة ومستدامة".

وأضاف الوزير أن الإمارات العربية المتحدة وتركيا تشتركان في الالتزام بالسلام والاستقرار والازدهار في المنطقة بأكملها، وستتصدى معًا للتحديات العالمية بما في ذلك "تغير المناخ والطاقة والأمن الغذائي والمائي".

وفي حديث لـ "العرب"، قال مسؤول تركي إن تركيا وضعت قضاياها مع الإمارات وراء ظهرها. وقالوا: "نحن ندخل فترة تقوم كليًا على التعاون والمنفعة المتبادلة".

يأتي ذوبان الجليد في العلاقات وسط وقت مضطرب للاقتصاد التركي، حيث شهد المستثمرون الأجانب سحب أموالهم بشكل متزايد بسبب مخاوف بشأن ارتفاع التضخم ومعارضة أردوغان رفع البنك المركزي أسعار الفائدة.

وكتبت المحللة تمارا قبلاوي لشبكة سي إن إن إن الأموال الإماراتية "قد تدعم الاقتصاد المتعثر في تركيا في وقت تسارع فيه أزمة العملة منذ سنوات". وأضافت أن العلاقة التي تم إصلاحها يمكن أن تكون "شريان الحياة وحبل النجدة لأردوغان.

تعافت الليرة التركية إلى 11.92 مقابل الدولار بعد اجتماع أردوغان مع الشيخ محمد، مرتفعاً من أدنى مستوى سجلته يوم الثلاثاء عند 12.82.

بعد ما يقرب من عقدين في السلطة، انخفض دعم الرئيس التركي بشكل كبير في الأشهر الأخيرة، حيث وضعت بعض استطلاعات الرأي حزب العدالة والتنمية الحاكم (AKP) أقل من 30 في المائة من حصة الأصوات قبل الانتخابات الحاسمة المقرر إجراؤها في عام 2023.

قال يوسف إريم، المحرر المتجول لمحطة تلفزيون تي آر تي التركية الحكومية، لشبكة سي إن إن إن أردوغان "ظل في السلطة بسبب الاقتصاد". وقال: "الاقتصاد الأضعف قبل انتخابات 2023 هو بالتأكيد شيء لا يريده". "والإماراتيون لديهم المال ليكونوا قادرين على توفير دفعة قوية للاقتصاد التركي."

في غضون ذلك، تقوم الإمارات بتغيير سياستها الخارجية مع تحرك الولايات المتحدة بعيدًا عن الشرق الأوسط باتجاه آسيا، وقال أستاذ العلوم السياسية الإماراتي عبد الخالق عبد الله قوله: "تحاول الإمارات تعزيز نفوذها الإقليمي وتحاول إبراز نفسها كصانعة سلام من الآن فصاعدًا".

وتحركت الإمارات وعادت إلى فتح قنوات التواصل مع دمشق التي زارها وزير الخارجية الشيخ عبدالله بن زايد واستقبله خلالها الرئيس السوري بشار الأسد، وفتحت بذلك الإمارات الطريق أمام الانفتاح العربي على دمشق مجددا.

كما امتدّت سياسة “تصفير المشاكل” إلى إيران؛ فقد وصل إلى أبوظبي علي باقري كني نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية، كبير المفاوضين النوويين، والتقى خلال الزيارة بأنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي للرئيس الإماراتي، وخليفة شاهين المرر وزير الدولة للشؤون الخارجية.

وقال مراقبون سياسيون إن زيارة الشيخ محمد بن زايد إلى أنقرة تظهر أن الإمارات تقود مسارا لتخفيف حدة الأزمات في الشرق الأوسط، والسعي لبناء علاقات تخدم شعوب المنطقة بقطع النظر عن اختلاف رؤى القادة السياسيين وأمزجتهم وحساباتهم، متجاوزة عُقد الماضي، وهو المسار الذي بدأ يؤتي أُكله في أكثر من ملف.

وحضر الرئيس التركي وولي عهد أبوظبي مراسم توقيع عدد من الاتفاقيات بين البلدين. وجرت هذه المراسم في المجمع الرئاسي بالعاصمة أنقرة، بعد لقاء ثنائي وآخر على مستوى الوفود بين الجانبين.

وجرى توقيع مذكرات تفاهم بين الشركة القابضة المملوكة لحكومة أبوظبي وصندوق الثروة السيادي التركي ومكتب الاستثمار بالرئاسة التركية وأيضا بعض الشركات التركية.

ووقعت الشركة القابضة اتفاقا للاستثمار في شركات تركية للتكنولوجيا بينما وقعت مجموعة موانئ دبي اتفاقا للتعاون في مجالي الموانئ واللوجستيات.

ووقع البنكان المركزيان التركي والإماراتي أيضا اتفاق تعاون.