قصة قصيرة..

الشقة مش حقكم

شارع الملكة أروى في كريتر عدن - أرشيف قديم

محمد الحضرمي وعبدوه فارع، جيران في احد احياء كريتر، محمد الحضرمي معروف بكنية "بوحضرم"، وهو في منتصف الخمسينيات من عمره، من القلائل الذين يحافظون على طريق لبسهم منذ 40 عاماً، والده التاجر الحضرمي من مواليد عدن، كان يمارس التجارة في عدن منذ عهد الاستعمار البريطاني، وكان كثير التنقل بين الهند وعدن وحضرموت للتجارة.

خلال وجود الاستعمار شيد عمارة سكنية من أربعة دور، كان الدور الأرضي في محلاته التجارية من مواد غذائية وملابس "بز"، في حين بقية الأدوار من الأول الى الرابعة سكنية للإيجار.

مشكلة "بوحضرمي" انه كان وطنيا زيادة شوية، يعني كان في اثناء وجود الاستعمار البريطاني من الذين يدعمون الكفاح المسلح، لكن بعد الاستقلال وبعد وصول عبدالفتاح اسماعيل الى منصب رئيس الدولة في عدن، كانت عمارة أول عمارة يتم تأميمها، ولم يترك له نظام "فتاح" الا شقة واحدة فقط مكونة من غرفتين ومطبخ وحمام وصالة صغيرة، اما بقية الشقق فقد وزعها نظام الاشتراكي على عمال مصافي عدن وميناء دكة.

أصيب بوحضرم بالقهر، على عمارته وهي تسلب منه، في حين ان محمد لا يزال طفلاً، توفي بوحضرم بعد حياة حافلة بالعطاء الوطني والمجتمع وشيع بموكب جنائزي مهيب.

اما فارع فهو موظف "فيتر بيب"، في مصافي عدن، فقد تزوج من موظفة لدى أمن الدولة حينها، وهي أيضا شابة، تطلقت مرتين خلال اقل من أربعة أعوام في منطقة الحجرية بتعز، قبل ان تذهب للعمل في عدن للتزوج من فارع الذي يكبرها بعشرة أعوام، وسكنا في البداية في منزل شعبي بالبريقة، قبل ان ينتقلا بفضل قانون التأميم الى شقة مفروشة في عمارة بوحضرم.

وبعد عامين من سكن فارع وزوجته في العمارة انجبا عبد الفتاح، تيمناً بالرئيس عبدالفتاح إسماعيل الذي منحهم الشقة، اما محمد الحضرمي فقد عاش مع اخوانه وامه في الشقة التي تركها لهم قانون التأميم، اما المحلات التجارية فقد أممها الحزب هي الأخرى.

بعد مقتل عبدالفتاح خلال محاولته الانقلاب على علي ناصر محمد في 1986م، تحول اسم عبدالفتاح فارع إلى عبده، ثم الى عبدوه كنوع من الدلع.

حين كبر محمد الحضرمي حاول استعادة المحلات التجارية ولكن كان عليه ان يشتريها من مالكيها الذين ظهروا بعد توقيع اتفاقية الوحدة مع الشمال، وتحديداً في العام 1995م، وفعلا اشتراها وأعاد تأجيرها لتجار شماليين من تعز.

نهاية كل شهر يمر محمد الحضرمي على المستأجرين يأخذ ايجار المحلات منهم، وكل صباح يقابل عبدوه فارع، يسلم عليه، ولكن كان كثير الغمز واللمز تجاه محمد الحضرمي، تارة ان الحضارم بخلاء، وتارة انهم حضارم لازم يرجعوا بلادهم في حضرموت.

مع ان محمد احذ لقب والده "بوحضرم"، الا انه لم يزر حضرموت قط، وكل خياته في عدن، الا ان لم يعجبه حديث عبدوه فارع والزن عليه كل يوم.

ذات يوم وبينما كان محمد الحضرمي في طريقه إلى الشقة في الدور الثالث، كان عبدوه يتفاقد "دينمو الماء"، وحين شاهد جاره محمد، قال له "يا صاحب حضرموت ممكن تساعدني في اصلاح الدينمو".

لم يتمالك محمد اعصابه وشد عبدوه من "شميزه"، "شوف يا (....)، انا صبرت عليك الكثير بحجم انك جار، لكن الى اليوم يكفي، وأريد أقول لك يا دحباشي يا برغلي، ان الشقة التي انت ساكن فيها، حين قرر والد وامك ينجبوك، مارسوا الجنس عشان يخلفوك فوق سرير هو سرير الحضرمي والدي الله يرحمه اشتراه من حر ماله، والماء الذي تغسلا به كان يجي إلى العمارة بفاتورة الحضرمي والحمام والقصاب الذي فيه اشتراها الحضرمي، يعني خلفوك لهذه الدنيا على حساب أملاك والدي الله يرحمه، وتجي اليوم تعمل فيها العدني وان عدن حق امك وابوك، وعلى فكرة انا ما اشتمك انا أقول لك الحقيقة، روح اسأل أمك، لما قررا يخلفوك هل مارسوا الجنس في الشقة، ام في مكان أخر.

شده نحو الدرج وكاد ان يصفعه لكن قال "تعرف ان ابوك جابه نظام الاشتراكي يسكن في عمارتنا بقوة النظام الكهنوتي حينها، اما أمك فهي كانت موظفة مسكينة وظفها "محسن" عشان انها مطلقة، وتزوجها ابوك عشان يعطوه شقة والدي".

فتح له وركله في مؤخرته نحو باب العمارة :"روح قبل ما اقضي عليك يا منحط، روح العب بعيد انا حضرمي عدني جنوبي، هذه بلدنا اما انت يا لفلوف روح دور بلد تقبلك يا عديم المرؤة".

وطلق محمد صوب الشقة وهو يتمتم بكلمات فيها شتم لجاره.. وللقصة بقية.

كاتب القصة عوض العدني