تقرير: ابتسام أبودنيا.. هل فعلا زرعها الحوثيون كجاسوسة بالسعودية؟

"ابتسام عبدالملك أبو دنيا"، ناشطة يمنية في منتصف الخمسينات من عمرها، ظهرت فجأة خلال الأشهر الماضية، وهي تتحدث بالوثائق عن فساد حكومة الرئيس اليمني المنتهية ولايته عبدربه منصور هادي، في البنك المركزي بعدن، في قضية التلاعب بالوديعة السعودية التي قدمتها الرياض في العام 2018م، لمعالجة انهيار العملة المحلية.

تقارير إخبارية يمنية زعمت ان أبو دنيا، زرعها الحوثيون كجاسوسة للعمل لمصلحة الجماعة الموالية لإيران من داخل العاصمة السعودية الرياض، الأمر الذي أعاد الى الاذهان تصريحات حوثية بشأن موقف سفير المملكة المتحدة من الأزمة في اليمن، وهو التصريح الذي يوحي بان هناك عملية اختراق قام بها الحوثيون في داخل حكومة هادي، فهل كانت ابتسام أبو دنيا، أحد تلك الأدوات الحوثية في التجسس لمصلحة الذراع الإيرانية في اليمن.

محرر صحيفة اليوم الثامن، تتبع القصية من البداية، وطرح السؤال، من هي ابتسام عبدالملك أبو دنيا، وما علاقتها بالحوثيين وإيران؟ ومن يستخدمها، هل رئيس الحكومة معين عبدالملك ام سفير السعودية محمد آل جابر.

 

محاولة فك شفرة تصريحات حوثية

 

في الـ12 من يونيو (حزيران) المنصرم، نشرت صحيفة اليوم الثامن تقريرا بعنوان " الحوثيون يهاجمون بريطانيا.. لكن هل "حكومة هادي" مخترقة؟، حين حاول المحرر تفسير تصريح للقيادي في ميليشيات الحوثي حسين العزي، والذي أكد ان السفير البريطاني إلى اليمن مايكل آرون، حرض على صنعاء بإحداث فوضى في اجتماع عقده مع يمنيين في العاصمة السعودية الرياض".

 وقال القيادي في جماعة الحوثي اليمنية حسين العزي "إن "بريطانيا لم تكتف بما سفكته من دماء شعبنا المظلوم، ففي حوار خاص مع يمنيين طلب السفير البريطاني القيام بأنشطة تخريبية ضد حكومة صنعاء في خروج -مُدان - عن مهمته كسفير"؛ وهنا يشير القيادي الحوثي إلى ان السفير البريطاني في الرياض بات مخترقا من يمنيين موالين لحكومة هادي، باتوا على تواصل مع السلطة الحاكمة في صنعاء.

وقال المحرر حينها "اذا صحت مزاعم حسين العزي، فانه الاتهامات التي وجهت من سابق لمكتب هادي، بانها على تواصل بالحوثيين "صحيحة"، وهو ما يضع السعودية في موقف محرج من التصرفات اليمنية التي لم تعد تسيء للتحالف العربي".

وتبين ان الناشطة اليمنية فعلا ذهبت إلى السعودية وتم استقبالها رسميا من قبل مدير مكتب هادي، الإخواني عبدالله العليمي، الذي ترتبط اسرته بعلاقة وثيقة مع الحوثيين، وسبق وقتل شقيقه وهو يقاتل في صفوف ميليشيات الحوثي بفرضة نهم قبل سنوات.

 

 مغادرة صنعاء والاتهام بالجاسوسية

 

 

في مطلع العام 2020م، غادرت "أبو دنيا"، التي تقدم نفسها على انها ناشطة حقوقية، العاصمة اليمنية صنعاء، صوب عاصمة الجنوب عدن، ومن المطار الدولي غادرت على العاصمة المصرية القاهرة، ومنها إلى الرياض.

جاءت مغادرة أبو دنيا لصنعاء على خلفية اعتداءات ضدها من قبل قيادات حوثية بينهم "نجل شقيق والدها"، لكن لم يتم التأكد بشكل قطع من ذلك، لكن هذه المعلومة نشرها موقع يمني بوست".

ونقل الموقع اليمني عن السياسي فهد الشرفي وكيل وزارة الاعلام قوله "ان ابتسام مرسلة من المليشيات وأن في الشرعية من يساعد على ادخال الجواسيس اذ الشرعية مترهلة".

وأكدت تقارير إخبارية ان الناشطة الحقوقية ابتسام ابودنيا على صلة وثيقة بالحوثيين وان افرادا من اسرتها قيادات ميدانية في ميليشيات الحوثي.

وذكرت مواقع إخبارية يمنية ان ابتسام أبودنيا تعرضت للضرب المبرح على يد "نجل شقيق والدها"، القيادي في الميليشيات وليد ابودنيا"؛ وذلك على خلفية هجومها على زعيم الحوثيين، لكن لم يعلق الحوثيون على تلك التقارير.

وتبين أن القيادي الحوثي وليد أبودنيا (قريب ابتسام) يعد من القيادات الحوثية المتطرفة، فقد أقدم في مارس (آذار) 2018م، على ابطال زواج شاب ينتمي للقبائل من فتاة تنتمي الى الأسرة الهاشمية، بدعوى انه لا يجوز ان يتزوج القبيلة من الهاشمية، وفق ما هو متعارف عليه لدى الحوثيين.

 

في مطلع يناير (كانون الثاني) العام 2020م، غادرت "أبودنيا"، صنعاء صوب عدن، ومنها إلى القاهرة ثم الرياض، ولسوء الحظ ان مدير مكتب هادي، الإخواني الهاشمي عبدالله العليمي، تأخر بعض الوقت على استقبالها في المطار لتنهال عليه بالشتم والقدح، قبل ان يحضر متأخر لتعتذر انها كتبت ذلك في ساعة غضب.

وقالت مصادر يمنية ان الرئاسة اليمنية صرفت مبلغ عشرة الف دولار أمريكي لابتسام أبو دنيا، لحظة وصولها عدن قادمة من العاصمة اليمنية صنعاء، كمصاريف رحلتها إلى القاهرة ومنها الى السعودية، ووفرت لها تذكرت سفر مستعجلة.

 

وقال الناشط اليمني عبدالسلام القيسي تعلقا على استقبال أبو دنيا في السعودية "بيوم تمديد العقوبات على أحمد علي بطلب من الشرعية قامت نفس الشرعية باستقبال ابتسام ابو دنيا استقبالا رسميا رئاسيا وكأنها الشرعية تريد القول (نفضل العرق الهاشمي ولو امرأة عليك يا أحمد".

ابتسام أبو دنيا.. بين العيسي ومعين من يدفع أكثر

 

قالت مصادر مقربة من الحكومة لصحيفة اليوم الثامن ان "ان أبو دنيا استغلت الخلاف بين رجل الاعمال النافذ احمد صالح العيسي، ورئيس الحكومة معين عبدالملك، لتكون منصة لتبادل الاتهامات بينهما، بواقعية لمن يدفع أكثر".

وسائل إعلام محلية يمولها العيسي، شنت هجوما عنيفا على الناشطة الحقوقية، واتهمتها بالتجسس لصالح الحوثيين والعمل مع معين عبدالملك".

 

 صديقة السفير السعودي

الناشطة اليمنية ابتسام أبو دنيا، دأبت على تقديم نفسها على أنها صديقة السفير السعودي محمد آل جابر المشرف على الملف اليمني، بما في ذلك صندوق إعادة اعمار اليمن، الأمر الذي فسرته الوثائق والتسريبات التي كانت تقع بيدها، والمتعلقة بالوديعة السعودية التي تقود أبو دنيا انها تعرضت للنهب من قبل مسؤولين في حكومة ومجموعات تجارية أبرزها مجموعة هائل سعيد أنعم.

وحاول محرر صحيفة اليوم الثامن التواصل مع مصادر في البنك المركزي في عدن للتعليق على ذلك، لكن اكتفى بالقول "ان هناك أطراف متورطة في نهب الوديعة السعودية والتصرف بها بطريقة غير قانونية".

وحين تم مواجهة بسؤال هل السفير السعودي من ضمن تلك الأطراف، "أجاب الوديعة المالية سعودية، وبكل تأكيد يعرف السفير ان ذهبت وهل استفاد الشعب منها، ولكن على الأرجح ان مجموعة ثلاثة مليار دولار قدمتها السعودية كودائع في البنك المركزي لم تشفع من انهيار الريال اليمني إلى ثلاثة اضعاف على سعره في مناطق سيطرة الحوثيين الموالين لإيران".

واعدت قضية انهيار الريال اليمني، فشلا ذريعا للسعودية المشرفة على ملف المدن المحررة من الحوثيين، فيما تكتفي الحكومة والأطراف الإقليمية بتبادل الاتهامات فيما بينها، وكل طرف يقلي بالمسؤولية على الطرف الأخر، فيما كانت الناشطة الحقوقية اليمنية (كما تصف نفسها)، منصة لتبادل الاتهامات الموثقة.