السلطة المحلية بين عدن وشبوة..

تقرير موثق: بن عديو.. ذراع الأحمر بصلاحيات تتجاوز هادي وحكومته

الرئيس اليمني المؤقت عبدربه منصور هادي (وسط) مع نائبه ورئيس الحكومة - أرشيف

نصر محسن
كاتب صحافي متعاون مع صحيفة اليوم الثامن

"محمد صالح بن عديو"، فتى الإخوان المدلل، والذراع السلطوية للجنرال الإخواني علي محسن الأحمر، نائب الرئيس اليمني، حاكم شبوة النفطية بصلاحيات تتجاوز صلاحيات الرئيس المؤقت عبدربه منصور هادي، ورئيس الحكومة معين عبدالملك.

بن عديو رئيس دائرة الاخوان السياسية في شبوة، الرجل الذي لا يعترض على قراراته حتى هادي، الرئيس الذي فقد السيطرة على كل شيء بما في ذلك مكتبه الذي يرأسه الإخواني الأخر عبدالله العليمي.

حاكم شبوة، وما امتلكه من سلطة مطلقة بفعل نفوذ الإخوان والدعم القطري والتركي والسعودي، الذي يتدفق عليه، لمنحه المزيد من السلطة والنفوذ لمواجهة المجلس الانتقالي الجنوبي، نجح في "إزاحة نائب مدير مكتب هادي، رجل الاعمال النافذ والمحسوب على الإخوان، أحمد صالح العيسي، من ميناء قنأ الذي إنشاء بتمويل من الأخير.

 

إزاحة أحمد صالح العيسي من ميناء قنا

في مطلع العام الجاري، أعلن محافظ شبوة الإخواني، تدشين العمل في ميناء قنا لتوريد المشتقات النفطية، بعد ان قال انه تم الانتهاء من تجهيزه من قبل شركة "وهمية"، تبين لاحقا انها تتبع نائب مدير مكتب هادي، أحمد صالح العيسي، لكن هذا الميناء، عبارة عن مرسى للسفن، تسبب في خلاف وصل الى الرئاسة اليمنية ومكتب هادي.

في تشرين الثاني/ نوفمبر 2020، وقع حاكم شبوة على إنشاء ميناء قنا التجاري في مديرية رضوم الساحلية على بحر العرب، مع شركة "كيو واي زد" للتجارة العامة (تتبع العيسي) بتنفيذ المرحلة الأولى من مشروع ميناء "قنا" التجاري، وتشمل توفير خزانات عائمة للمشتقات النفطية، وتأمين احتياجات المحافظة منها، وتقضي المرحلة الثانية ببناء أرصفة التفريغ للمشتقات النفطية، مع إنشاء 8 خزانات استراتيجية لخزنها، بسعة إجمالية تصل إلى 60 ألف طن، إضافة إلى بناء أرصفة النشاط التجاري للميناء.

لكن هذا لم يدم طويلا حتى أصبحت هذه الاتفاقية في مكب النفايات، بفعل انقلاب بن عديو على صالح الشركة المنفذة بعد الانتهاء من المرحلة الأولى التي تعني وصول المشتقات النفطية إلى الميناء دون عناء.

 

تقول مصادر صحيفة اليوم الثامن "ان محافظ شبوة استحوذ في مطلع شهر رمضان الفائت، على سفينة وقود تعود للتجار أحمد صالح العيسي، ووجه بصرف وقودها للكهرباء في المحافظة، كهدية مقدمة من الحاكم الإخواني.

هذه السفينة فجرا خلافا بين "العيسي وبن عديو"، وصل الى الرئاسة، وفي أحد الغرفة المغلقة بالجناح المخصص لإقامة هادي ونائبه علي محسن الأحمر، حسم الأخير الأمر، لمصلحة بن عديو، وازاحة أحمد صالح العيسي الذي عاد إلى عدن.

لكن هذا لم ينته هنا، فقد تطور الأمر إلى مواجهة عسكرية، كما حصل في لودر، أواخر الشهر المنصرم، من اقتتال بين الفصائل الموالية لهادي ونائبه، على معابر تهريب المشتقات النفطية للحوثيين.

 

حاكم شبوة الإخواني لا يعترف بحكومة معين عبدالملك

حصلت صحيفة اليوم الثامن على وثيقة حكومية تؤكد تجاوز محافظ شبوة الإخواني محمد صالح بن عديو لصلاحيات رئيس الحكومة والرئيس هادي، الأمر الذي يؤكد ان هذه الوثيقة هي واحدة من عشرات الخروقات التي ارتكبها الرجل الذي يمتلك حصانة من النائب علي محسن الأحمر، وفق مصادر حكومية.

تقول مصادر في الحكومة لصحيفة اليوم الثامن "ان محافظ شبوة منذ ان سيطرة ميليشيات الإخوان على المحافظة النفطية في أغسطس (آب) العام 2019م، أصبح الحاكم الفعلي لكل شيء، وكل ذلك بفضل النائبه.

مسؤول حكومي رفيع في السلطة المحلية بشبوة قال للصحيفة "ان علي محسن الأحمر، اجتمع خلال احداث شبوة (2019)، مع قيادات عسكرية وأمنية بينهم المحافظ محمد صالح بن عديو، (في ميناء سعودي بري)، وهددهم بالعقاب ان لم يتم حسم المعركة امام قوات النخبة الأمنية التي كانت تمتلك تسليحا خفيفا ومتوسطاً، وأخبرهم ان كل الدعم العسكري سيصلهم من قيادة المنطقة العسكرية الأولى في سيئون والثالثة في مأرب، لحسم المعركة".

وأشار المصدر إلى ان بن عديو عقب السيطرة على شبوة وانسحاب قوات النخبة، تلقى اتصالا من الأحمر، وأخبره الأخير بانه بات يمتلك كل الصلاحيات المطلقة في شبوة، بما في ذلك مهام مكاتب الوزارات، وهو الأمر الذي مكنه من الاستحواذ على كل شيء وتجييره لمصلحة التنظيم اليمني.

ولكن مصادر جنوبية في شبوة، قالت إن بن عديو ما كان له ان يمتلك كل هذه الصلاحيات لولا الدعم السعودي، لكن الأمر المثير للاستغراب، من يشجع الحاكم الإخواني على القيام بتجاوزات كبيرة وخطيرة.

في السادس والعشرين من يونيو (حزيران) الماضي، أصدر السيد عوض مشبح وكيل وزارة الإدارة المحلية في حكومة معين عبدالملك تعميما لمحافظ شبوة حمل الرقم (1) لسنة 2021، كما نصلت عليه الوثيقة "بناء على الدور الاشرافي والرقابي المناط قانونا بوزارة الادارة المحلية تجاه الوحدات الادارية والتي تأتي من ضمنها تقييم اداء السلطة المحلية وتنفيذا لخطة الوزارة ضمن خطة مجلس الوزراء المتضمنة تفعيل دور السلطة المحلية في الجوانب المتعددة.

وعليه نأمل موافاتنا خلال اسبوع من تاريخه بالآتي، اجتماعات المكاتب التنفيذية مع كافة المحاضر والقرارات بهذا الشأن"؛ وهذا لم يحصل بفعل ان بن عديو ضيق كثيرا دائرة السلطة لقيادات إخوانية هي من تقرر عمل المكاتب التنفيذية، فيما جاء في التوجيه الثاني "قرارات تشكيل لجان المناقصات واعمالها"؛ وهذا غير معمول به منذ وصول بن عديو الى قيادة السلطة المحلية، والتي حولها الى سلطة اخوانية مصغرة بعد احداث العام 2019م، بازاحة كل المسؤولين الذين لا ينتمون الى التنظيم، وتوجيه لهم تهم الفساد لعزلهم.

وقالت مصادر في وزارة الإدارة المحلية ان محافظ شبوة لم يتجاوب مع التوجيه، وانه لم يجب على رسائل من وزارات عدة، وانه حتى معين عبدالملك، لا يجرؤ على مخاطبة بن عديو ولا حتى التواصل معه مطلقاً".

وأكدت المصادر لصحيفة اليوم الثامن "ان معين عبدالملك، يعتبر محافظة شبوة خارج (اختصاص حكومته)، وان سلطته مرتبطة بشكل مباشر بنائب الرئيس علي محسن الأحمر".

ويبدو ان هذه المصادر لم تذهب بعيدا، فقد كشفت وثيقتين "صحة ما أوردته تلك المصادر، تفيد بان معين عبدالملك، لا يمتلك أي سلطة على محافظ شبوة".

والوثيقة الأولى، توجيه من رئيس حكومة المناصفة معين عبدالملك، يطالب فيه محافظ العاصمة عدن، السيد أحمد حامد لملس بإلغاء قرار تكيف مدير لشركة النفط الوطنية.

وجاء في الوثيقة المؤرخة بتاريخ الـ10 من يوليو (تموز) الجاري "بالاشارة الى تكليف مدير شركة النفط والى خطاب الأخ/ وزير النفط والمعادن، رقم أو ن م/ 192) بتاريخ 2021 /7/10م، (مرفق صورة منه) بشأن اصدارکم قرار تكليف، مديرا عاما لشركة توزيع المنتجات النفطية ( شـركة النفط عدن) التي يشمل نطاق عملها الجغرافي (عدن- لحج - ابين-الضـالع) وذلك بالمخالفة لقانون الخدمة المدنية رقم (19) لسـنة 1991م، ولائحته التنفيذية، وكذا مخالفته للقانون رقم (35) لسنة 1991 م بشان الهيئات والمؤسسـات والشـركات العامة وتعديلاته ومخالفته للقوانين واللوائح ذات الصلة المنظمة للتعيين، وتلك التي تنظم الصلاحيات المناطة بالوزارة والمحافظين، واكد عليها تعميمنا الموجة الى الاخوة المحافظين برقم (رو/1005) بتاريخ 2021 /7/3م بشأن ضوابط الترشيحات والتكليف في مكاتب الوزارات وفروع الهيئات والمؤسسات، وعليه، يتم إلغاء قرار التكليف المشار اليه أعلاه، والتقيد بالمرجعيات القانونية بشأن الترشيح والتكليف في الوظائف العامة، معين عبدالملك رئيس مجلس الوزراء".

هذا التوجيه الصادر عن السيد معين عبدالملك، يؤكد ان حكومته لا تمتلك أي سلطة على محافظة شبوة الإخوانية التي يبدو انها قد أصبحت من سلطة نائب الرئيس علي محسن الأحمر، وحتى هادي الرئيس تقول مصادر حكومية انه فشل في فرض حل توافقي يقضي بعودة العيسي للعمل في ميناء قنا، مقابل دفع مبالغ مالية للمحافظ بن عديو".

وثيقة أخرى، تؤكد ان محافظ شبوة محمد صالح بن عديو، أصدر قرارا مشابها لقرار محافظ العاصمة عدن، قضى بتكيف مدير لشركة النفط الوطنية بشبوة، وهو من قيادات الإخوان.

وجاء في الوثيقة "قرار محافظ محافظة شبوة رقم ٦ لسنة ٢٠١٩م بشان إيقاف مدير عام شركة النفط (....) فرع شبوة وتكليف مدير عام لشركة النفط اليمنية فرع شبوة، بعد الاطلاع على القانون رقم (4) لسنة ٢٠٠٠ م بشان السلطة المحلية وتعديلاته واللائحة التنفيذية وعلى القانون رقم (۱۹) لسنة ١٩٩١ م بشأن الخدمة المدنية وتعديلاته واستنادا إلى مذكرة وكيل نيابة الأموال العامة م/ شبوة رقم (...) وتاريخ ۲۰۱۹/۰۱/۰۹م المتضمنة أمر إحضار قهري وإيقاف عن العمل لمدير فرع شركة النفط اليمنية شبوة صالح علي بافياض واستنادا إلى المادة (٢٠٧) الفقرة ب من اللائحة التنفيدية لقانون الخدمة المدنية لكونه مطلوب للتحقيق الجنائي بواقعة اختلاس مال عام وغش في تحصيل الرسوم من قبل نيابة الأموال العامة بالمحافظة واتخاذ الإجراءات الإدارية بتكليف من يقوم بأعمال مدير الفرع، وبناءا على ما تقتضيه المصلحة العامة، مدير عـام شـركة النفط، مـادة (1) : إيقـاف الأخ / صـالح علي بافياض، ومـادة (٢) : يكلـف الأخ/ صـالح مبـارك الكـيـم مـديراً عامـا لشـركة النفط اليمنية فرع شبوة، محمد صالح بن عديو محافظ شبوة رئيس المجلس المحلي".

 

تنفيذ تكليف مدير الشركة الوطنية بعدن

علمت صحيفة اليوم الثامن من مصادر في شركة النفط ان قرار التكليف الصادر من السيد المحافظ أحمد حامد لملس نفذ، رغم مطالبة رئيس الحكومة معين عبدالملك بإلغائه.

والأحد التقى محافظ العاصمة عدن السيد أحمد حامد لملس، عدداً من قيادات وكوادر ونقابة شركة النفط بعدن، بحضور السيد الدكتور صالح الجريري المُكلف بإداء مهام مدير عام شركة النفط - عدن، وسامي خيران رئيس اتحاد نقابات عمال الجنوب، ومسؤولين في السلطة المحلية.

ويمضي محافظ عدن بخطوات مدعومة سياسيا وشعبيا في انتشال وضع العاصمة، في ظل ما تواجهه من حروب اقتصادية جمة، في ظل تصدير الفوضى والعنف من قبل القوى السياسية اليمنية التي تناهض المجلس الانتقالي الجنوبي، من خلال إعاقة عمل السلطات المحلية والمؤسسات في عدن، في ظل انهيار العملة المحلية امام العملات الأجنبية وسط رفض حكومة معين عبدالملك، كل الدعوات بضرورة عودتها إلى العاصمة لممارسة مهامها وإيقاف انهيار العملة.