الخروج من وطأة القمع..

الضغوط الخارجية والداخلية تدفع حكومة تبون الإفراج عن درارني

الإعلام الجزائري يكابد للخروج من وطأة القمع

الجزائر

تعكس قضية الإعلامي المناضل خالد درارني الذي غادر السجن الجمعة بعد عام من الاعتقال مدى معاناة نخبة من الصحفيين الجزائريين الذين ينشطون بكثافة لإخراج قطاع الإعلام من تحت وطأة قمع النظام في الجزائر الذي يستمر في تشغيل محركاته وملاحقة النشطاء والمدونين رغم إسقاط الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة في انتفاضة شعبية انقلبت عام 2019 على ممارسات الاستبداد والتضييق على الحريات.

بدأ الصحافي الجزائري خالد درارني الذي أفرج عنه الجمعة بعد عام على اعتقاله، حياته المهنية كمقدم برامج تلفزيونية اكتسب شهرة قبل أن يصبح رمزا للنضال من أجل حرية الصحافة في بلده.

وقد أفرج عنه الجمعة بعد يوم من الانتظار الطويل لأقاربه وناشطين وزملاء صحافيين تجمعوا أمام سجن القليعة غرب العاصمة الجزائرية. وقد بدا هادئا وفي حالة جيدة وقد وضع كمامة.

وقال في تسجيل فيديو تناقله رواد شبكات التواصل الاجتماعي "أشكر كل من ساندني ودعم معتقلي الرأي لأن دعمكم ضروري لنا جميعا وهو دليل على براءتنا".

وعند خروجه من السجن رفع شارة النصر بأصابعه التي لوح بها في السنوات الأخيرة في مواجهة ترهيب السلطات.

ولد خالد دراريني في العاصمة الجزائرية في العاشر من آب/أغسطس 1980 لعائلة ثرية ودرس القانون والعلوم السياسية في كلية بن عكنون في العاصمة، قبل أن يبدأ حياته المهنية كصحافي.

كانت بداياته في وسائل الإعلام العامة، إلا أن خالد دراريني أصبح مقدم برامج بارزا على محطات خاصة اعتبارا من 2013 واشتهر خصوصا بعروضه على محطتي 'دزاير تي في' و'الشروق'.

وهو يحظى باحترام زملائه لمهنيته ورصانته. وقد أنشأ في 2017 موقع 'قصبة تريبون' الإخباري الذي يغطي أخبار الجزائر وحظرته السلطات اعتبارا من كانون الأول/ديسمبر 2020. وعمل في الوقت نفسه مراسلا في الجزائر لقناني 'تي في 5 موند' والمنظمة غير الحكومية 'مراسلون بلا حدود'.

وفي منتصف سبتمبر/أيلول حكم على الصحافي البالغ من العمر أربعين عاما بالسجن عامين بتهمة "التحريض على التجمع غير المسلح" و"المساس بالوحدة الوطنية". وقد بدا هزيلا خلال محاكمته وأثار قلقا بشأن ظروف احتجازه.

تعرض درارني للتهديد مرات عدة من قبل الأجهزة الأمنية التي انتقدته لقربه من الحراك، حركة الاحتجاج الشعبي. وكان قد اعتقل في مارس/آذار 2020 في الجزائر العاصمة على هامش تظاهرة، لكن الصحافي دافع عن نفسه في المحكمة قائلا "كل ما فعلته هو ممارسة مهنتي".

وقام بتغطية مسيرات الحراك منذ انطلاقه في فبراير/شباط 2019 لاسيما عبر حسابه على تويتر الذي يتابعه مئات الآلاف من الأشخاص ووضع فيه صورا وشعارات وبيانات مباشرة من مسيرات الاحتجاج.

وبينما أطلقت الملاحقات القضائية ضده الواحدة تلو الأخرى، تحرك صحافيون وناشطون في مجال حقوق الإنسان في الجزائر وكذلك في الخارج للمطالبة بالإفراج الفوري عنه.

وبعد أن دفعت الضغوطات الخارجية والداخلية الرئيس عبدالمجيد تبون للسماح بالإفراج عنه عبر إصدار عفو رئاسي عن معتقلي الحراك، ألمح إلى أن درارني جاسوس في خدمة السفارات الأجنبية، من دون أن يذكر اسمه، في محاولة لتبرير ممارسات القمع التي لازالت تستمر في حكمه لقمع احتجاجات تطالب برحيله على اعتباره محسوبا على نظام بوتفليقة، ولا يحظى بشعبية في الجزائر رغم فوزه بالانتخابات الرئاسية التي شهدت عزوفا كبيرا من قبل الشارع الجزائري الذي رفض ترشحه.

وأفرجت السلطات الجزائرية عن 35 على الأقل من معتقلي الحراك خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية بموجب العفو أصدره تبون، وفق ما أفادت السبت اللجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين.

وردت منظمة 'مراسلون بلا حدود' في تغريدة على تويتر تعليقا على إطلاق سراح درارني "حر أخيرا! بعد أحد عشر شهرا من الاعتقال التعسفي لممارسة مهنته يستعيد مراسلنا في الجزائر خالد دراريني الحرية التي كان يجب ألا يفقدها إطلاقا!".

واعتقلت السلطات الجزائرية منذ تولي تبون الرئاسة عشرات النشطاء والمتظاهرين في محاولة لمنع عودة الحراك الذي توقف العام الماضي تقيّدا بإجراءات كورونا.

لكن عشرات آلاف الجزائريين خرجوا الثلاثاء الماضي في ذكرى انطلاق الحراك للمطالبة برحيل بقايا نظام بوتفليقة والإفراج عن المعتقلين.

وأصدر القضاء الجزائري مؤخرا أحكاما مغلظة ضد أبرز وجوه الحراك، حيث حكم عل الناشط إبراهيم لعلامي بالسجن عامين وغرامة قدرها 200 ألف دينار (1250 يورو) لإدانته بعدة تهم كيدية منها "إهانة رئيس الجمهورية".