دار الشعر بمراكش..

حكواتيون شعراء

سرد محكي شعري مشبع بالخيال

مراكش

أصر الحكواتي عبدالرحيم الأزلية أن يهدي في نهاية لقاء "حكواتيون شعراء"، لعشاق الشعر والفرجة، محكية لقالق غويتسولو، ضمن مشروع كان قد انفتح خلاله، هذا الفنان المغربي المرموق، على نصوص لمبدعين مغاربة وعالميين. سرد محكي شعري مشبع بالخيال، وأداء فني يكتمل فيه أداء الجسد مع نبرة وإيقاع الصوت، وتتبع لنبرة الحروف في جذب للإنصات. هذا ما علمته ساحة جامع الفنا لفنانيها، من الشرقاوي مول الحمام إلى عبدالرحيم الأزلية وباريز والآخرون. وشهدت دار الشعر بمراكش، صباح الأربعاء الماضي، 8 يوليو/تموز، استدعاء لفضاء ساحة جامع الفنان مصغرة، لكن هذه المرة في حوار شعري وفني استثنائي.
"حكواتيون شعراء"، فقرة جديدة أطلقتها دار الشعر بمراكش بعد "شعراء تشكيليون"، وكانت لحظة شعرية وفنية استثنائية، حيث التقي خلالها التراث الشفاهي الإنساني بالشعر. كما شكلت فضاء لتلاقي التعبير الإبداعي، في أرقى تجلياته، حيث امتزج الشعر بالمسرح والأداء الفني والفرجة الشعبية بفنون القول الإبداعي. كل هذا، في ظل حرص دار الشعر بمراكش على تجسير التباعد الاجتماعي، بين الشعراء والنقاد والفنانين والمتلقي شعريا، عبر إطلاق العديد من الفقرات الشعرية والندوات النقدية، من بوابة منصاتها التفاعلية.
قصائد تحتفي بـ "الساحة" و"المدينة"
في "حكواتيون شعراء"، التقى أحد رواد فن الحلقة بساحة جامع الفنا وأحد كبار الحكواتيين، الفنان عبدالرحيم المقوري (المعروف بعبدالرحيم الأزلية) وابنته الفنانة حجيبة المقوري "الأزلية"، وإلى جانبهم الفنان المسرحي والسينمائي الشاعر السعيد بوخالد. فقرة استثنائية، كما أشار الشاعر عبدالحق ميفراني، مدير دار الشعر بمراكش "إذ التأم خلالها أنماط القول الشعري والفني ضمن قوالب أدائية فنية. حيث أصبح فضاء دار الشعر بمراكش، ساحة جامع الفنا مصغرة، ومسرح صغير للأداء الشعري الفني. وهي في نفس الآن، إحدى الفقرات الأساسية والتي تدخل ضمن استراتيجية الدار لخلق حوار فعلي، بين الشعر وأنماط التعبير الفني".

الفنان عبدالرحيم الأزلية، من الحكواتيين الذين كرسوا حياتهم لفن الحكاية، ولازموا فضاء ساحة جامع الفنا، والتي ألهمت العديد من الكتاب العالميين الكبار (خوان غويتيسولو)، هذا التراث اللامادي الإنساني والذي كان يشكل مشتلا للعديد من الشعراء والفنانين المسرحيين والموسيقيين كما صنفته اليونسكو كتراث شفوي للإنسانية. تجربة هذا الفنان مع الشعر والنظم لم تفارقه، فأبعد من السير والحكايات، خاض الفنان عبدالرحيم المكوري تجارب عالمية مع فنانين نذكر هنا تجربته مع الإسباني هكتور أورين، إلى جانب انفتاحه على تجربة الإبداع المغربي، كما فعل مع نصوص (أحمد بوزفور وحسن نجمي وآخرون)، واختار في البداية أن يقدم مع الحكواتية الفنانة حجيبة المقوري، أداء حواريا ثنائيا. استعادا معا سحر المكان، (ساحة جامع الفنا)، في قالب شعري وحواري لينتقل بعدها إلى استعادة المكان والمدينة، في نص طويل برع الفنان الأزلية في تقديمه بجسد الحكواتي وروح الشاعر.
خاضت الحكواتية حجيبة، إلى جانب والدها، تجربة فريدة حيث تستلهم من تجربته أسرار الأداء، وحفظ العديد من الحكايات والسير، مع اختيار لمسة شخصية تحافظ من خلالها على تميزها، كصوت نسائي يحمل تراثا لاماديا مشبعا بمحكيات "عنترة بن شداد" إلى جانب شعراء وشخصيات تاريخية ومتخيلة، نسجت خلالها الفنانة حجيبة من "شعرية" الحكايات والحس الأدائي الرفيع، لحظة شعرية وفنية رفيعة. 
واختار الفنان المسرحي والشاعر، السعيد أبو خالد فضاء دار الشعر بمراكش. لكن، هذه المرة، ليستعيد صوت الشاعر الذي سكنه طويلا. الفنان السعيد أبو خالد، والذي شارك في عروض (بشار بن برد، عائد إلى حيفا، رحلة الرجل الطيب، ومنطق الطير)، إلى جانب مشاركته السينمائية العديدة والمسلسلات الدرامية، اختار أن يكون "الممثل الشاعر"، في تناغم مع فقرة "حكواتيون شعراء". نص شعري طويل، يبوح بأسرار "مراكش"، أقرب إلى مونولوغ شعري مفتوح. هكذا نسج الشاعر والفنان السعيد أبو خالد آخر لحظة، بدت كفقرة متناغمة بين رواة الشعر والحكاية.