بحث في جذور التنظيم التاريخية..

تحليل: إخوان اليمن.. خافيا واسرار محاولة السيطرة على عدن والمكلا

برغماتية إخوان اليمن من التحالف مع صالح إلى استغلال الثورة ضده

لندن

يتقن تنظيم الإخوان المسلمين رسم خطط الهروب، فيما لو فشلت مخططاتهم التي يحاولون -بشتى الوسائل (المشرعة وغير المشروعة)- تنفيذها سواء عبر السياسة أو العسكرة، وعلى ما يبدو أن قيادات التنظيم دائماً ما تفكر بتجهيز الملجأ الذي ستهرب إليه قبل التخطيط لأي انقضاض على المجتمعات، حيث يتبدل هذا الملجأ بحسب البرغماتية الإخوانية التي تتقن فن اللعب على المصالح، على حساب دماء (حاضنتها الشعبية) وتركهم لمصيرهم المهجول عبر مواجهات مسلحة وهروب القيادات إلى ملاجئهم التي جهزوها سابقاً والتي نقلت إليها الأموال، فمن اليمن إلى السودان وأخيراً تركيا ملاجئ عمل على تصنيعها لسنوات الإخوان المسلمون

اتخذ التنظيم الدولي للإخوان من اليمن منذ “المؤتمر الشعبي العربي الإسلامي” في الخرطوم 1991، قرارات حوّلت اليمن لمحطة إيواء للعائدين من حرب أفغانستان، بعد أن حصل فرع الإخوان على الغطاء السياسي الكامل، بعد تشكيل حزب “التجمع اليمني للإصلاح” بحسب ما ذكر ذلك مؤسس الحزب عبدالله حسين الأحمر في مذكراته، وسخر التنظيم الدولي كل ما يمتلك من أجل تمكين حزب الإصلاح في توظيف حرب صيف 1994 أيديولوجياً، والاستثمار سياسياً في ما بعد انتهاء هذه الحرب. الإخوان المسلمون.

“التنظيم الدولي للإخوان”، يضع اليمن كملجأ آمن لقياداته وحتى أفكاره، وثمة مخطط لم يتزحزح منذ مؤتمر الخرطوم 1991، بوضع عدن والمكلا تحت السيطرة لمسببات أهمها: التواجد في مدخل باب المندب، والإشراف على بحر العرب، على اعتباره النقطة المشرفة على المحيط الهندي.

هذه الاستراتيجية ظهرت في سنوات ما بعد غزو الجنوب، عندما تحولت الممرات المائية لنقاط تهريب السلاح والمخدرات والعناصر الإرهابية، ليس لليمن فقط، بل لاستهداف المنطقة كما حدث من العمليات الإرهابية التي استهدفت أمن المملكة العربية السعودية من التسعينيات الميلادية، وحتى ما بعد سقوط نظام صدام حسين في العراق عام 2003.

لا يمكن اعتبار تنظيمات الإخوان في أي مكان في العالم، سوى أنها جزء من المشكلة وليست جزءاً من الحل، وعلى الأخص في اليمن؛ حيث إن التقارب بين جماعة الإخوان الإرهابية والحوثيين لم يكن ليتم لولا وجود تفاهمات إقليمية بين إيران من جانب وقطر وتركيا من جانب آخر؛ حيث ترعى كلتا الدولتان (قطر وتركيا) التنظيم الإرهابي وتمدّه بكل أنواع الدعم المالي والعسكري، بجانب احتضان الناشطة توكل كرمان في تركيا التي لطالما تنادي بمصالحة بين الحوثيين وجماعة الإخوان.


وصول تنظيم الإخوان المسلمين إلى اليمن

ظهور تنظيم الإخوان في اليمن بدأ في عام 1929م؛ فقد ألقى مؤسس الجماعة حسن البنا، محاضرة في صنعاء، وبعدها توطدت صلات البنا ببعض أبناء اليمن، وانطلق التنظيم في اليمن من يومها، وكان الإخوان في اليمن يستلهمون من التنظيم في مصر كثيراً من مناشطهم الاجتماعية والدينية؛ حتى حاولوا الانقلاب باغتيال الإمام يحيى بن حميد، وكانت الحادثة التاريخية مؤشرًا على الدرجة التي بلغها التنظيم في اليمن وارتباطه بالتنظيم في مصر، حتى إن تنظيم “الإخوان” في مصر أصدر بياناً وضح فيه القضية وأبعادها وعلاقته باليمن، والإمام يحيى وابن الوزير الذي قاد الثورة وتولَّى الحكم، وقد حُكم عليه بالإعدام بعد سيطرة أحمد ابن الإمام يحيى على الحكم مرة أخرى.. وفيها استطاع كلٌّ من الجزائري الفضيل الورتلاني والمصري عبد الحكيم عابدين، الخروج من اليمن بعد تدخُّل جامعة الدول العربية، وكانا مبعوثَي حسن البنا في اليمن للإشراف على إخوان اليمن وتنظيمهم.ن وبعد 26 سبتمبر 1962م، عاد نشطاء التنظيم وعملوا على نشر أفكار جماعة الإخوان، وتأسيس عديد من المدارس الدينية التي أسهمت في كسب أفكار الإخوان أرضية كبيرة باليمن.

برغماتية إخوان اليمن

استغلت جماعة الإخوان تسلّم إبراهيم الحمدي زمام الحكم في عام 1974 ولمع بريقها إبان حكمه، إلا أنها حاولت الالتفاف على السلطة والانقضاض عليها، لكن المعطيات على الأرض قلبت الموازين لصالح الناصريين، وبعد وصول علي عبدالله صالح عام 1978 استمال جماعة الإخوان لإرساء دعائم حكمه، وفتح من خلالهم جبهات شرسة ضد ماركسية الجنوب من الاشتراكيين واليساريين في الجنوب اليمني، ونما الحزب على ضفاف قبيلة الأحمر وأكناف حماية الشيخ عبدالله الأحمر، كعلاقة منفعة بين الإخوان وعلي عبدالله صالح وتقلد الإخوان في تلك الفترة وزارات سيادية في حكومة ائتلافية عقب انتخابات 1993 و1994. الإخوان المسلمون

وعندما نشبت الحرب بين علي صالح ونائبه علي سالم البيض، عام 1994، اصطف الإخوان المسلمون يقاتلون بشراسة ضد الجنوبيين حتى تم فرض سياسة الأمر الواقع في 7 يوليو 1994م، وبعد الحرب استولت حركة الإخوان على كثير من المراكز الدينية في الجنوب، وحاولت منذ دخولها بث الأفكار المتشددة وتعزيز التطرف الديني.

بعد تبدل المزاج الدولي تجاه الإسلام السياسي بشكل عام، والإخوان المسلمين بشكل خاص، عقب احداث 11 أيلول، نفّذ صالح الأوامر الصادرة من واشنطن بإغلاق جامعة الإيمان التابعة للإخوان، وترحيل طلبة أجانب بشبهة الإرهاب وسحب المدارس الدينية من عهدة الإخوان إلى إشراف الدولة، وهذا ما أجبر تنظيم الإخوان وببراغماتية انتهازية إلى اللجوء إلى أعداء الأمس والتحالف مع عدو العدو، بتشكيل ائتلاف حزبي مع القوى الاشتراكية واليسارية – وهم ممن حاربوهم تحت لواء التكفيريين- وتأسيس مظلة مشتركة باسم “اللقاء المشترك” في عام 2003، والانضواء تحت لواء المعارضة لحكم صالح.

استغل الإخوان هذه المظلة السياسية المعارضة (اللقاء المشترك)، بانتهازية ليست غريبة عليهم وانقضوا على ثورة اليمنيين ضد علي عبد الله صالح، والذي كان يريد أن يتهم الثورة اليمنية بالإرهاب، فشدّد على أن قادة الثورة هم الإخوان في اليمن، والذين كان لهم باع طويل في دعم الإرهابيين وإيواءهم في اليمن، هذا الاتهام تقاطع مع التنظيم في محاولة حثيثة للانقاض على الثورة. الإخوان المسلمون

غزل إخواني – حوثي وتقاطع مصالح

حالة من الغزل الواضح بين حزب التجمع اليمني للإصلاح “إخوان اليمن” وميليشيا الحوثي، حيث تشكل سياسية البراغماتية، التي تجيدها جماعة الإخوان عموماً و”إخوان اليمن” بصفة خاصة؛ حيث يرتدي “الإصلاح” أكثر من قناع، ويتعامل بوجوهٍ عدةٍ مع الصراع الدائر بين القوات اليمنية الشرعية والتحالف العربي من جهة، وميليشيا الحوثي التي تحظى بدعمٍ من إيران وقطر من جهة أخرى، حيث بات التواصل حقيقي والتقارب مؤكد، وتعاون الإخوان مع الحوثيين ليس سرًّا، فقد كشفت تصريحات قيادات في ميليشيا الحوثي، في أكثر من مناسبة وجود علاقات أو”جسر تواصل وقنوات مفتوحة” مع حزب الإصلاح، وهو ما يؤكده هدوء الجبهات التي يقودها الإخوان في مأرب وتعز، وكذلك جبهة نهم في صنعاء.

واستفادت جماعة الإخوان المسلمين في اليمن “حزب الإصلاح” من تشكيل ما سمّوه “المقاومة الشعبية” في تسليح جماعات إرهابية وتأطيرها ودعمها، وليس سرًّا ولا خافيًا أن معظم قيادات تنظيم القاعدة في اليمن كانوا في جماعة الإخوان، وأن عددًا منهم درس وتخرج في جامعة الإيمان، وقاتل جنبًا إلى جنب في عدد من الجبهات باليمن.

وعمدت جماعة الإخوان في اليمن إلى تشكيل ميليشيات عسكرية خاصة أواخر مارس 2019، في محافظة تعز؛ حيث بدأت عملية تخريج هذه القوات بخمس دفعات عسكرية تضم أكثر من خمسة آلاف جندي تم تجميعهم بناءً على انتماءاتهم لجماعة الإخوان، وتلتها دفعات أخرى لم يتم الإعلان عنها.

لا شك أن تنظيم الإخوان المسلمين في اليمن يحاول اللعب على حبال الحرب الدائرة في أفقر بلد في العالم منذ 2014، يحاول ان يوهم كل الأطراف بتحالفه معهم وعدواته للآخر في برغماتية باتت معروفة للجميع، في محاولة لمحاكاة حرب 1994 التي جعلته يقبض على الجنوب بشكل كبير، بعد تحالفه مع الأقوى آنذاك، نفس البرغماتية التي يحاول فيها مسك العصا من الوسط مع ضربات غادرة لصطف مع الأقوى، للحصول على مكتسبات جديدة في بلد بات كتلة من دمار على كافة المستويات.

----------------------------------------

المصدر| ليفاند نيوز - تحرير| اليوم الثامن