إقامة دولة فلسطينية "متصلة" في صورة أرخبيل..

ترامب يكشف عن تفاصيل خطته لدولة فلسطينية عاصمتها في أبوديس

ترامب يكشف عن بنود صفقة القرن مع حليفه الوطيد نتانياهو

واشنطن

اقترح الرئيس الأميركي دونالد ترامب الثلاثاء إنشاء دولة فلسطينية مع عاصمة لها في القدس الشرقية اعتمادا على اتخاذ الفلسطينيين خطوات للحكم الذاتي في محاولة لتحقيق انفراجة في صراعهم الدائر منذ عشرات السنين مع إسرائيل، فيما قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن خطة السلام الأميركية تقضي بأن تكون العاصمة الفلسطينية المقترحة في ضاحية أبوديس على أطراف القدس.

وقال مسؤولون كبار في الإدارة الأميركية تعليقا على الخطة التي أعلنها ترامب في البيت الأبيض، إنه بموجب الخطة المقترحة للسلام في الشرق الأوسط ستعترف الولايات المتحدة بالمستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة.

ومقابل ذلك ستوافق إسرائيل على تجميد النشاط الاستيطاني لمدة أربع سنوات في الوقت الذي يجري فيه التفاوض على إنشاء دولة فلسطينية.

وقال ترامب لدى إعلانه الخطة في البيت الأبيض وقد وقف بجواره نتنياهو "اليوم اتخذت إسرائيل خطوة عملاقة تجاه السلام"، مضيفا إنه بعث برسالة إلى الرئيس الفلسطيني محمود عباس.

وأشار أيضا إلى أن خطته تقوم على "حل واقعي بدولتين"، معتبرا أنها ستتيح لإسرائيل "اتخاذ خطوة كبيرة نحو السلام"، معتبرا أن الخطة التي تتألف من 80 صفحة "الأكثر تفصيلا" على الإطلاق.

وقال إن "الدولة الفلسطينية المستقبلية" لن تقوم إلا وفقا "لشروط" عدة بما في ذلك "رفض صريح للإرهاب". ويمكن أن تكون هناك "عاصمة فلسطينية في القدس الشرقية"، معلنا أن واشنطن "مستعدة للاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على أراض محتلة" لم يحددها.

ونشر لاحقا تغريدة على حسابه بتويتر مرفقة بخارطة تشير إلى ما قال إن "هذا ما يمكن أن تبدو عليه دولة فلسطين في المستقبل بعاصمة في أجزاء من القدس الشرقية".

وأثنى رئيس الوزراء الإسرائيلي على خطة ترامب قائلا إن "هذا يوم تاريخي "، مشبها تلك الخطة المعروفة باسم صفقة القرن باعتراف الرئيس الأميركي السابق هاري ترومان عام 1948 بـ"دولة إسرائيل".

وأضاف موجها كلامه للرئيس الأميركي "أصبحت في هذا اليوم أول زعيم في العالم يعترف بسيادة إسرائيل على مناطق في يهودا والسامرة تعد مهمة لأمننا ومحورية لتراثنا"، مستخدما الاسم العبري للضفة الغربية.

وفي الوقت الذي رحب فيه الزعماء الإسرائيليون وبريطانيا بخطة ترامب التي طال تأخيرها، رفضت السلطة الفلسطينية الخطة حتى قبل إعلانها رسميا قائلين إن هذه الإدارة متحيزة لإسرائيل.

كما حذر حزب الله اللبناني مساء الثلاثاء من أن صفقة القرن الأميركية "سيكون لها انعكاسات بالغة السوء على مستقبل المنطقة وشعوبها".

وتابع أن "الإدارة الأميركية الشيطانية وبعد عقود من دعم العدو واحتلاله واعتداءاته ومجازره بحق الشعوب العربية، توجت عدوانها بمحاولة القضاء على حقوق الشعب الفلسطيني التاريخية والشرعيّة"، مضيفا "أمتنا وشعوبها الحيّة قادرة على الإطاحة بهذه الصفقة بوقت قريب".

واعتبر أن صفقة السلام الأميركية "تهدف إلى الإطاحة بحق العودة وحرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه وتصفية القضية الفلسطينية من ذاكرة أبنائها".

وتتضمن الخطة التي رفضتها السلطة الفلسطينية وكافة فصائل المقاومة، إقامة دولة فلسطينية "متصلة" في صورة أرخبيل تربطه جسور وأنفاق وإبقاء مدينة القدس عاصمة غير مقسمة لإسرائيل.

ومن المرجح أن يثير غياب الفلسطينيين عن إعلان ترامب تفاصيل خطته انتقادات بتحيز الخطة لاحتياجات إسرائيل دون احتياجات الفلسطينيين.

وانهارت المحادثات الإسرائيلية الفلسطينية عام 2014 ولم يتضح على الإطلاق ما إذا كانت خطة ترامب ستحيي تلك المحادثات.

وقال مسؤولون أميركيون إنهم استعدوا لتشكيك الفلسطينيين في بادئ الأمر ولكنهم أبدوا أملهم بأن يوافقوا على التفاوض مع مرور الوقت.

وتضع الخطة عقبات كبيرة على الفلسطينيين التغلب عليها من أجل التوصل لهدفهم الذي يسعون إليه منذ أمد بعيد وهو إقامة دولة مستقلة عاصمتها القدس.

ولم يعرف بعد أيضا كيف سترد إسرائيل في ضوء الضغوط التي يواجهها نتنياهو الذي يخوض ثالث محاولة لإعادة انتخابه خلال أقل من شهر.

وطرحت الخطة أكثر المحاولات إثارة وتفصيلا للخروج من المأزق التاريخي بين إسرائيل والفلسطينيين منذ عدة سنوات نتيجة جهود استمرت ثلاثة أعوام من قبل جاريد كوشنر كبير مستشاري ترامب وآفي بيركوفيتش والمستشار السابق جاسون جرينبلات.

وقال المسؤولون إن ترامب وافق على خطة مقترحة تحدد الخطوط الرئيسية للدولتين، موضحين أن مساحة الدولة الفلسطينية ستزيد مرتين عن مساحة الأراضي التي يسيطر عليها الفلسطينيون حاليا وسيتم تواصلها جغرافيا من خلال طرق وجسور وأنفاق.

وأطلع ترامب نتنياهو وخصمه في الانتخابات التي تجري في إسرائيل في الثاني من مارس/آذار زعيم حزب أزرق أبيض بيني غانتس على تفاصيل الخطة خلال محادثات جرت يوم الاثنين. وقال كلاهما إنه مستعد لدعم الخطة.

وقال المسؤولون إن الزعماء الإسرائيليين وافقوا على التفاوض على أساس خطة ترامب ووافقوا على الخريطة وأن موافقة إسرائيل على إقامة دولة فلسطينية تتوقف على التوصل لترتيب أمني لحماية الإسرائيليين.

وتابعو أن إسرائيل ستتخذ أيضا خطوات لضمان وصول المسلمين إلى المسجد الأقصى في القدس واحترام دور الأردن في ما يتعلق بالأماكن المقدسة.

وأشاروا إلى أن إقامة دولة فلسطينية سيعتمد على اتخاذ الفلسطينيين خطوات من أجل الحكم الذاتي مثل احترام حقوق الإنسان وحرية الصحافة ووجود مؤسسات شفافة ذات مصداقية.

وقال مسؤول في إشارة إلى نمو المستوطنات اليهودية "بتطبيق خطة ترامب سيكون من الصعب للغاية محاولة خلق تواصل جغرافي للدولة الفلسطينية بناء على ما حدث خلال الخمسة والعشرين عاما الماضية ولذلك فإذا لم نقم بهذا التجميد الآن أعتقد أن فرصتهم لإقامة دولة ستتلاشي بشكل أساسي".

وتابع "لذلك فإن ما فعلناه بشكل أساسي هو كسب أربع سنوات أخرى من أجل توحيد عملهم ومحاولة التفاوض على اتفاق ليصبحوا دولة وأعتقد أن هذه فرصة كبيرة لهم".

وقال المسؤول إن السؤال بالنسبة للفلسطينيين هل "سيجلسون على الطاولة ويتفاوضون؟"، مضيفا أنه إذا وافقوا على التفاوض فهناك بعض المجالات التي يمكن التوصل فيها إلى حل وسط في المستقبل.

واعتبر أن خطة ترامب تدعو إلى تمكن الفلسطينيين من العودة إلى دولة فلسطينية تقام في المستقبل وإنشاء "صندوق تعويضات سخية".

وقبل إعلان ترامب تظاهر آلاف الفلسطينيين في مدينة غزة وعززت القوات الإسرائيلية مواقعها قرب إحدى بؤر التوتر بين مدينة رام الله ومستوطنة بيت إيل الإسرائيلية في الضفة الغربية.

وقال متحدث باسم نتنياهو إن الأخير سيتوجه إلى موسكو يوم الأربعاء لإطلاع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على المقترحات.

ويقول الزعماء الفلسطينيون إنه لم تتم دعوتهم لواشنطن لحضور عرض ترامب وإن الخطة لن تنجح من دونهم.

ويرفض الفلسطينيون التعامل مع إدارة ترامب احتجاجا على سياساته الموالية لإسرائيل مثل نقل السفارة الأميركية في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس التي يريد الفلسطينيون أن يكون الشطر الشرقي منها عاصمة لدولتهم في المستقبل.

وكانت إدارة ترامب قد تخلت في نوفمبر/تشرين الثاني عن سياسة أميركية قائمة منذ عقود عندما أعلن وزير الخارجية مايك بومبيو أن واشنطن لم تعد تعتبر المستوطنات الإسرائيلية على أراضي الضفة الغربية تتعارض مع القانون الدولي.

وصف الرئيس الفلسطيني محمود عباس مساء الثلاثاء خطة الرئيس الأميركي للسلام في الشرق الأوسط بأنها مؤامرة. وقال موجها حديثه لترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي إن حقوق الشعب الفلسطيني "ليست للبيع".

وقال عباس في كلمة أذاعها التلفزيون في رام الله في الضفة الغربية المحتلة إنه يقول لترامب ونتنياهو "القدس ليست للبيع وكل حقوقنا ليست للبيع والمساومة وصفقة المؤامرة لن تمر".

وجاءت تصريحات عباس بعد أن اقترح ترامب إقامة دولة فلسطينية تكون عاصمتها في القدس الشرقية في مسعى لتحقق انفراجة بين الفلسطينيين وإسرائيل.

وبحث ترامب مع رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون صفقة القرن التي كشف عنها مساء الثلاثاء، فيما ذكر بيان صادر عن مكتب رئاسة الوزراء البريطاني أن "الاقتراح الأميركي يمكن أن يكون خطوة إيجابية للأمام".

وأكد رئيس الحكومة الفلسطينية محمد أشتيه الاثنين رفض الخطة معتبرا إياها "تصفية للقضية الفلسطينية"، معتبرا أنها "تعطي لإسرائيل كل ما تريده على حساب الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني".

ودعت القوى الوطنية والفصائل الفلسطينية الاسلامية في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة إلى التظاهر في المدن الفلسطينية بالتزامن مع إعلان الخطة في واشنطن.

وعلى ضوء هذه التطورات أعلنت الجامعة العربية عن اجتماع طارئ يعقد يوم السبت على مستوى وزراء الخارجية العرب بحضور الرئيس الفلسطيني محمود عباس لمناقشة خطة للسلام المعلنة.

وقال الأمين العام المساعد للجامعة العربية حسام زكي للصحافيين الثلاثاء أن "وزراء الخارجية العرب سيعقدون اجتماعا طارئا السبت في مقر الجامعة العربية بحضور الرئيس الفلسطيني لبحث ما يسمى بصفقة القرن"، موضحا أن "الاجتماع يعقد بناء على طلب فلسطين".

وقال الأمين العام للجامعة أحمد أبو الغيط في بيان الثلاثاء إن "محاولة فرض أية حلول للقضية الفلسطينية بهذه الطريقة لن يُكتب لها النجاح"، مشددا على أن "الموقف الفلسطيني من الصفقة سيُمثل العامل الحاسم في تشكيل الموقف العربي الجماعي".