"اليوم الثامن" تبحث في سيناريو معركة شبوة..

خفايا صراع الرئيس المؤقت ونائبه.. لماذا يصور هادي الصراع بالطائفي

يبدو ان الأحمر قد وجه اتباعه في شبوة والبيضاء إلى افساح المجال امام الحوثيين لتهديد "عرش هادي"، والمبرر كما جاء به ذراع الأحمر في واشنطن، أن هادي أصدر قرارات تعيين لـ19 قائدا عسكرياً جنوبياً من أصل 22 بدون الرجوع إلى الأحمر (النائب).

لا يمتلك هادي أي ورقة ضغط غير التحالف مع المجلس الانتقالي الجنوبي - أرشيف

فريق الابحاث والدراسات
فريق البحوث والدراسات في مؤسسة اليوم الثامن للإعلام والدراسات
الرياض

على غير العادة، ظهر رئيس اليمن المؤقت عبدربه منصور هادي، في خطاب صور من خلاله الصراع في البلد على انه صراع طائفي مع سلالة تعتقد ان حكم البلد -المضطرب منذ الإطاحة بالنظام المحلي في صنعاء العام 1962م-، حق ألهي، وان الصراع معها صراع وجود ضد جماعة، يقول إنها انكشفت باعتبارها جماعة سلالية تسعى لتمجيد عرق على حساب شعب كامل.

هذه هي المرة الأولى التي لم يدع هادي فيها الحوثيين إلى السلام، كما كان يتكرر كل مرة، التي دائما ما يؤكد ان يده ممدودة للسلام لأذرع إيران التي هاجمها (هذه المرة)، هي الأخرى في ظل متغيرات كثيرة، تفسر على أنها قد تخدم استمرار بقائه في الحكم "وان كان حكماً عن بعد".

شكلت السيطرة الحوثية على ثلاث مركز رئيسية في بيحان شبوة، تهديداً حقيقياً لهادي، ومستقبل حكمه القائم على استمرار الحرب (في محيط صنعاء)، لكن سقوط الجزء المحرر من محافظة البيضاء اليمنية، بسيناريو سقوط نهم والجوف وصرواح وأجزاء أخرى من مأرب، كشف عن مشروع تخادم، يراه هادي من منظوره انه يهدد وجوده كرئيس توافقي يفترض ان يسلم السلطة رسميا بعد القضاء على مشروع الحوثي الذي يصفه هادي بالسلالي.

خلال الأشهر الماضية قدمت صحيفة اليوم الثامن سلسلة من التقارير والتحليلات كشفت عن خفايا الصراع بين هادي، كرئيس، وعلي محسن الأحمر، النائب، وقد ظهر هذا الصراع على السطح بالتسامح مع حرب شنتها أذرع الأحمر للسيطرة على مدينة لودر الاستراتيجية في أبين، بـ(يونيو حزيران الماضي)، وقد اسقطت المدينة التي تقع في الحدود مع محافظة البيضاء، وفيها الشريان الرئيس الذي يمد الحوثيين بالمشتقات النفطية.

لكن الصراع لم يبدأ في لودر، ولكن كان يفترض ان يكون النهاية هناك، لكن الخلاف العميق بين هادي ونائبه، كان سببا رئيسيا في وصول الحوثيين الى شبوة النفطية، دون أي مقاومة تذكر، وهو الأمر الذي جعل هادي يستشعر الخطر، ليخرج في خطاب "هو الأول من نوعه"؛ يصور الصراع مع الحوثيين على انه صراع طائفي وسلالي ووجودي ضد جماعة يقول انها تنطلق من منطلقات دينية للحكم، فيما التزم الأحمر الصمت حيال ذلك.

توعد هادي باستمرار الحرب والقتال ضد الحوثيين بدعم من المملكة العربية السعودية، والتي يبدو انها أنهكت كثيراً في الملف اليمني، وخاصة في مأرب التي استنزفت كثيراً الرياض "ماليا وعسكرياً"، الأمر الذي يوحي بان السعودية تعول على الحلول السلمية للخروج من الملف اليمني بالاعتماد على الدور العماني.

ترى الرياض ان بمقدور مسقط، تحقيق تسوية سياسية مع طهران، وهو ما أكد عليه العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبدالعزيز، الذي قال عبر الانترنت في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة الأربعاء الـ22 من سبتمبر أيلول الجاري إن "إيران دولة جارة"، مُعربًا عن أمله أن تؤدي المحادثات الأولية بين البلدين إلى "نتائج ملموسة لبناء الثقة والتمهيد لتحقيق تطلعات شعوبنا في علاقات تعاون".

وأكد وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، أن بلاده "تؤكد دائمًا أن تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة بحاجة إلى ترتيبات أمنية نابعة من داخل دول المنطقة".

وكالة الانباء الإيرانية الرسمية (إرنا)، قالت ان عبداللهيان ألتقى نظرائه من ممثلي السعودية والكويت ومصر والأردن وقطر والاتحاد الأوروبي، في مقر البعثة العراقية في نيويورك على هامش أعمال الدورة 76 للجمعية العامة للأمم المتحدة.

سفير السعودية لدى اليمن محمد بن سعيد ال جابر، وجه رسائل مبطنة للحكومة اليمنية، حول مصير القوات الموالية لنائب الرئيس علي محسن الأحمر في وادي حضرموت، الا ان مصادر مقربة من هادي، اعتبرت تحركات ال جابر في الجنوب، بأنها لا تخدم الشرعية بل تخدم الجنرال علي محسن الأحمر والحوثيين.

تفصح أذرع إعلامية محلية لسفير السعودية في اليمن عن حرف الأنظار عن حرب بيحان شبوة، والتقليل من الحديث عنها، بالحديث عن مواضيع أخرى، إلا ان صحافيا سعوديا معروفا، يدعى عبدالله آل هتيلة سرعان ما فضح هذا التوجه بالحديث عن "شبوة إن كانت جنوبية او شمالية"، في تقليل واضح لأهمية المعركة التي سقطت على أثرها ثلاث مديريات في قبضة الحوثيين الموالين لإيران.

 

وسائل إعلام محلية ممولة من أطراف إقليمية اشارت الى تصريحات ادلى بها نائب السفير اليمني في واشنطن، وأبرز أذرع علي محسن، "وائل الهمداني"، الذي جدد هجومه على هادي.

 ويبدو ان الأحمر قد وجه اتباعه في شبوة والبيضاء إلى افساح المجال امام الحوثيين لتهديد "عرش هادي"، والمبرر كما جاء به ذراع الأحمر في واشنطن، أن هادي أصدر قرارات تعيين لـ19 قائدا عسكرياً جنوبياً من أصل 22 بدون الرجوع إلى الأحمر (النائب).

ورفض هادي تعيين الهمداني سفيرا لليمن في واشنطن خلفا لوزير الخارجية أحمد عوض بن مبارك.

ويخشى تيار الأحمر، من تقارب "جنوبي – جنوبي" محتمل، خاصة بعد ان فقد هادي كل الأوراق التي يمكن يضغط بها للحصول على مكاسبة سياسية في التسوية السياسية المحتملة، ولا يملك هادي أي أوراق ضغط على الأطراف اليمنية الشمالية، غير التقارب مع المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي رغم الحروب التي شنت على البلاد، الا ان موقف الانتقالي ظل يسوده حالة من الود والاحترام تجاه شخص هادي.

ويدرك هادي واتباعه ان معركة شبوة، هي معركة تخص الجنرال علي محسن الأحمر، ويستدل على ذلك الاتفاق الذي ابرم بين محافظ شبوة الإخواني ومحافظ شبوة الحوثي في بلدة مرخة الأسبوع الماضي، وهي الاتفاقية التي اقرت ان يقاسم الطرفان موارد الثروة النفطية في المحافظة.

ويبرر اتباع الأحمر ان تسليم بيحان شبوة للحوثيين، جاء بعد استحواذ هادي على ثمانمائة وخمسين ألف برميل نفط صدرت من ميناء النشيمة.

ويحاول الحوثيون الاستفادة من هذا الصراع المرير في داخل الرئاسة اليمنية، للتوسع شرقا وجنوباً، فهم يناورون جميع الأطراف، لكن القرار في النهاية هو ما تطرح إيران على أذرعها في صنعاء، والتي يقول وزير خارجية حكومة هادي، أحمد عوض بن مبارك "إن إيران تقترح على الحوثيين تأجيل الحوار حتى السيطرة على مأرب".

والسيطرة على مأرب، يعني ان التحالف العربي بقيادة السعودية وحكومة هادي، لا يمتلكان أي أوراق ضغط على الحوثيين، الذين يمتلكون قوات يعتقد انها تدين بالولاء لهم في وادي حضرموت والمهرة، وربما شبوة، فيما إذا قرر الحوثيون الانقلاب على الاتفاقية الموقعة مع محافظ شبوة الإخواني محمد صالح بن عديو.

لم يختلف "المجلس الانتقالي الجنوبي"، مع هادي، الا بعد ان تحالف الأخير مع خصوم الجنوب التأريخيين، تنظيم إخوان اليمن، صاحب فتاوى التكفير الشهيرة، والمتهم بالتورط في تصفيات الآلاف من المسؤولين ورجال الأمن والجيش الجنوبيين خلال 30 عاماً.

 وأطلق المجلس الانتقالي الجنوبي "حوارا وطنياً"، لتقريب وجهات النظر بين القوى الجنوبية الأخرى للوصول إلى رؤية مشتركة نحو تحقيق استقلال الجنوب العربي، ويبدو ان الحوار قد حقق نتائج مثمرة، وهو ما يعكسه توقف الصراع الإعلامي، بالإضافة الى وجود مؤشرات عن نية الأطراف طي أي خلافات سابقة والبدء في صفحة جديدة لمواجهة الخطر القادم الذي يهدد الجنوب "أرض وهوية".